يمكن أن يكون البيان السياسي لتجمع الوحدة الوطنية والذي تم إعداده بمناسبة المؤتمر العام للجمعية الذي عقد يوم السبت الماضي، مدخلاً مهماً لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء في البحرين، وخصوصاً أن هذا البيان قد لامس العديد من القضايا، وحلل مواقف الأطراف المختلفة بشكل متوازن إلى حدٍّ ما، رغم أنه لم يتخلص من عقدة الخوف «المفتعلة لأسباب معروفة» من الآخر والحكم على النوايا.
حتى الآن يمكن أن يكون التجمع هو المهيأ أكثر من غيره لاتخاذ خطوات إيجابية في طريق المصالحة الوطنية لو خلصت النوايا، وخصوصاً بعد التجربة المرة التي مر بها والتي يمكن استشفافها بوضوح تام في ثنايا البيان.
فالتجمع أشار إلى العديد من الممارسات التي مورست ضده بهدف تحجيمه وشل إرادته في اتخاذ مواقف مستقلة، واتهم السلطة «باختطاف الذكرى الأولى لتجمع الفاتح من قبل شباب صحوة الفاتح لضرب التجمع وقيادته» ممثلة في رئيس التجمع، «والزعامة المقلقة للنظام من المكون الآخر» وبعدها اختفت تماماً ما سميت «بالصحوة الشبابية للفاتح» إلى «غفوة»، بعد ما أدت الغرض، وبقيت أداة ستستعار من قوى سياسية مثلت لها غطاء من الدعم والمساندة، كلما دعت الحاجة لذلك.
كما يعترف التجمع باستغلاله من قبل السلطة بهدف التنصل من الإصلاحات السياسية حيث يقول البيان «تم استخدام الشارع كورقة ضغط (ردع متبادل) قد تكون رسائله الموجهة للخارج أهم من الداخل، من جانب المعارضة تحقيق مكاسب بادعاءات ديمقراطية، ومن جانب النظام التنصل أو التأخير قدر الإمكان من الاستحقاقات الديمقراطية». ولكن السؤال الأهم هنا هو هل اكتشف التجمع هذا الأمر مؤخراً أم أنه كان لاعباً أساسياً في هذه اللعبة منذ البداية؟
البيان يشير أيضاً إلى خطورة خلو «الساحة من أية مبادرة سياسية جادة، يمكن أن توصل الأطراف إلى توافق وطني يخرج البلاد مما تعانيه من أزمة متمثلة في عدم الاستقرار السياسي والأمني والانقسام المجتمعي الذي أثر بدوره في الحياة الاجتماعية، بسبب الإصرار على المواقف بصورة متعنتة، من جانب المعارضة بسقف عالٍ من المطالبات غير المتوافق عليها وطنياً، ومن جانب النظام الحاكم الذي لم يبدِ استعداده لإصلاحات جوهرية فيما يتعلق بالشراكة في السلطة، ومن الجانب الآخر من المكون الوطني الذي لم يستطع بلورة موقف واضح بين هذا وذاك».
إن اتخاذ التجمع موقفاً واضحاً من جميع ما طرحه في بيانه، سيؤثر دون شك في موازين القوى على الساحة المحلية، ولكن ذلك سيتطلب الكثير من الشجاعة، وذلك ما سيحدد مستقبل التجمع، فإمّا أن يكون طرفاً أساسياً في أي مفاوضات أو حوار مقبل، أو أن يكون مجرد معارض لكل ما تطرحه المعارضة من مطالب، أو أن يستمر في لعب دوره المرسوم له من قبل ويسمح للجهات الرسمية باستغلاله مرة بعد أخرى.
صحيفة الوسط البحرينية – 03 يوليو 2012م