سواء نجحت تلك المبادرات التي تدعو الى المصالحة والحوار المدني او لم تنجح، تبقى هي مبادرات جديرة بالاهتمام ومشكور سعي القائمين عليها. لا يخفى على الكل، حالة التشظي التي يعشها مجتمعنا، بسبب أحداث مرت بهذا الوطن لم تكن في الحسبان ولا في الخاطر، وزاد من وتيرة سرعة التشظي النفخ الطائفي البغيض الذي يغذيه أبطال (الكيبورد) من جهة، وبعض رجالات الدين من جهة اخرى.
تابعت خلال الايام الماضية، تغريدات كثيرة أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي ضد اعلان تدشين مؤسسة للمصالحة والحوار المدني، التي اكد القائمون عليها انها ليست معنية بالشأن السياسي، بل كل ما يعنيها هو التصالح الاجتماعي الذي لعبت فيه السياسة ما لعبت، فتجذرت الفرقة وزادت الهوة، خصوصا اذا ما نظرنا الى الحالة الاقليمية التي عاشها الوطن العربي قبل الربيع، فقد كانت التأثيرات العراقية واللبنانية وغيرها منعكسة على مجتمعاتنا الخليجية الى حد كبير.
المؤسسة التي تم اطلاقها في 12 يونيو الماضي، تتبنى نهجا يعتمد على مساعدة المجتمع والتطلع الى ما بعد الوضع الحالي، مهمتها تقوية التضامن والتناغم الاجتماعي. هذا ما أعلن عنه مؤسس المؤسسة الاخ سهيل القصيبي، وشخصيا لم التق بالقصيبي من قبل ولا اعرف توجهاته لا من بعيد ولا من قريب، إلا ان اي شخص في هذا الوطن يحمل على عاتقه مسؤولية رأب الصدع وتحقيق الاندماج الاجتماعي هو محل تقدير، فنحن لا نعلم عن ظاهر الاخرين إلا خيرا، وبالتالي من غير المعقول ان نجد من يحمل الناس عل محاميل اخرى بعيدة كل البعد عن ظاهر الدعوات الخيرة التي يصدرونها.
هناك مع الاسف الشديد من لا يريد لعناوين المحبة ان تتصدر مجالس واحاديث الناس، يريدون فقط خطاب الكراهية والبغض وتصنيف الناس من يدخل الجنة ومن يدخل النار، لذلك هي حقيقة لا جدال فيها كثيرون من الشباب انفضوا عن مخالطة مجالس بعض رجالات الدين والسبب هو هذا الخطاب النتن الذي تلفظه افواههم، ألم يسمعوا تلك المقولات التي وردت في اللسان ويتعظوا بها، من بينها بيتان من الشعر جاء فيهما: احفظ لسانـــك أيها الإنسان….. لا يلدغنك إنه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه….. كانت تهاب لقاءه الأقران . لماذا لا نجعل من الكلمات التي تصدر من هذا اللسان كلمات حب ووحدة ووئام، بدلا من التشكيك في النوايا.
ان مبادرات المصالحات ولم الشمل الاجتماعي هي مبادرات تحتم علينا ان ندعمها، وان كانت هذه المبادرات ستتطور في حال تزامنت معها مبادرات سياسية تخفف حدة الشحن السياسي بين الاطياف المختلفة، إلا انه لا يجوز ان نكسر مجاديف كل من يحاول الابحار نحو شواطئ الوئام الاجتماعي.
الأيام 16 يونيو 2012