المنشور

مسألة الأكثرية والأقلية


لا توجد أي إحصائية رسمية تثبت أن أيّاً من الطائفتين الكريمتين تمثل الأغلبية في البحرين، ولم يكن ذلك يشكل أي فرق في السابق، حيث لم يشكل هذا الموضوع في أي وقت مضى مسألة مفصلية بالنسبة إلى الشعب البحريني الذي لم يعرها أي أهمية.
 
هذه المسألة لا يجب أن تؤخذ بحساسية مفرطة، بشرط أن يسود مفهوم المواطنة والعدالة بين جميع المكونات.
 
ومع ذلك لا يمكن السكوت عن الأصوات التي أخذت من غياب مثل هذه الإحصائيات مدخلاً لترويج الأكاذيب، بشأن استحواذ طائفةٍ معينةٍ على أغلب الوظائف سواءً الحكومية منها أو في القطاع الخاص، بالإضافة إلى هيمنة هذه الطائفة على مجمل مؤسسات المجتمع المدني من نقابات وجمعيات أهلية ومهنية.
 
إن ما تطرحه هذه الأصوات من أن أغلب الأطباء والممرضين وأساتذة الجامعة والمهندسين والمعلمين وموظفي الوزارات الحكومية والمحامين والتجار وطلبة الجامعات وموظفي البنوك والفنيين وحتى الفراشين وحراس الأمن وبائعي الخُضَر والسماكين هم من فئة معينة – حتى أن البعض دعا إلى إنشاء أسواق خاصة في بعض المناطق أيّام الأزمة بسبب أن الطائفة الأخرى هي المهيمنة على النشاط التجاري وخصوصاً ما يتصل باستيراد المواد الغذائية – نقول إن ما تطرحه هذه الأصوات صحيح تماماً، وإن لذلك تفسيراً بسيطاً جداً، وهو أن هذه الطائفة تمثل بالفعل الغالبية في المجتمع البحريني، ولذلك فهي منتشرة بشكل أفقي في جميع المناطق والوظائف.
 
ولكن في المقابل فإنّ هذه الأصوات نسيت أو تناست أن أغلب الوزراء ووكلاء الوزارات والضباط والسفراء والدبلوماسيين ومديري ورؤساء البنوك والشركات الحكومية الكبرى ورؤساء تحرير الصحف والنواب وأعضاء مجلس الشورى وموظفي الوزارات السيادية غالبيتهم من طائفة أخرى.
 
حتى أن هذه الأصوات أخذت تنادي في الوقت الراهن بضرورة إقصاء بعض المسئولين الحكوميين القليلين – حتى وإن كانوا أكثر ولاءً للسلطة – لمجرد أنهم من طائفة معينة.
 
كيف يكون الأمر منطقيّاً حين تكون قاعدة الهرم الاجتماعي من فئة معينة في حين يكون الجانب الآخر من طائفة أخرى؟
 
لا أحد يدعو إلى المحاصصة الطائفية، ولسنا بحاجةٍ إليها، ولا أحد يدعو إلى إجراء تعداد سكاني ليثبت أن أيّاً من المكونين الأساسيين في هذا الوطن يمثل الأغلبية، كل هذه الأمور يمكن تجاوزها حين يكون المواطن البحريني ومهما كان مذهبه أو طائفته أو قبيلته أو عائلته يعامل بعدالة ومساواة، وهذا ما قامت من أجله جميع حركات الربيع العربي الذي مازال مستمراً في عددٍ من البلدان.
 
 

صحيفة الوسط البحرينية – 12 يونيو 2012م