كانت ولا تزال الوحدة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي والتي تتجسد فيها مفاهيم المواطنة الاقتصادية مطلبا ملحا خاصة في ظل الظروف والاوضاع الاقتصادية الاقليمية والعالمية التي تفرض هذا التوجه وقيام كتلة اقتصادية كبرى هي حتما ستكون داعمة للعمق العربي وتدفع بالعمل العربي الاقتصادي المشترك الى آفاق نوعية غير مسبوقة.
الدوائر والاوساط الاقتصادية ترى ان الاقتصاد الخليجي يشكل 1.4 تريليون دولار، اي ما يوازي 2% من الناتج المحلي العالمي، وان دول الخليج تحظى بـ30% من احتياطيات النفط في العالم، ونحو 40% من احتياطيات الغاز في العالم. تلك هذه الارقام والحقائق، مع التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي الان التي بطبيعة الحال تلقى بظلالها على دول التعاون، تجعل من التكامل والاندماج والوحدة الاقتصادية امرا ملحا، واذا ما اخذ بعين الاعتبار بان الشأن الاقتصادي هو احد الركائز الاساسية التي يقوم عليها اي اتحاد خليجي فان اعطاء الاولوية القصوى لهذا الشأن ما يبرره.
فترابط المصالح والمنافع بين مواطني دول مجلس التعاون، وانتقال رؤوس الاموال وتنمية التجارة البينية، وبايجاز تحقيق المواطنة الاقتصادية هو الاساس لقيام اي تكتل او كيان اقتصادي. ان العقبات القائمة حاليا ليست بالمستحيلة او المستعصية، مثل توزيع حصيلة الرسوم الجمركية المستوردة من الخارج واطلاق الوحدة النقدية والسوق المشتركة، والسماح لمواطني دول الخليج بالمعاملة بالمثل عندما ينتقلون ويعملون، والوكالات التجارية الحصرية وكافة الاشكاليات التي برزت ولا تزال والتي اعاقت العمل الاقتصادي الخليجي المشترك وحدت من انطلاقته، كلها قابلة للمعالجة والحل اذا ما عقدت دول التعاون العزم على بلوغ هدف الوحدة الاقتصادية وتحقيق المواطنة الاقتصادية التي طال انتظار المواطن الخليجي اليها، واذا ما ادركت دول التعاون انها امام تحديات غير مسبوقة، وان ما يجري في الساحة الاقتصادية العالمية يفرض هو الآخر تحركا غير مسبوق.
16 مايو 2012