المنشور

من الذي يقف في طريق المصالحة الوطنية


في حين ترفض القوى المعارضة تحقيق أي مكسب على حساب الآخرين، من مبدأ أن المكاسب يجب أن تكون لعموم الناس وأن الخسارة لا يمكن إلا أن تكون للوطن بكافة فئاته، فإن هناك من يستمرئ القبول بالفتات حتى وإن تلوّث بوسخ المذلة.
 
كما أن هناك من يسرق جهد وعمل وتضحيات غيره ليحصل على الغنائم، أما أسوأهم جميعاً، فهو من يعمل جاهداً من أجل استمرار الأزمات، ويغلق جميع الأبواب التي يمكن أن تفضي إلى حل مقبول، لمجرد أن يحصل على المزيد من الامتيازات التي لم تكن من حقه في يوم من الأيام، ولن تكون إلا في ظل ظروف استثنائية لا تطبق فيها المعايير الإنسانية.
 
ولذلك لم يكن غريباً وقوف أربع جمعيات سياسية ضد مبادرة أطلقتها مجموعةٌ من أبناء الوطن من الطائفتين الكريمتين، من الغيورين والحريصين على إعادة اللحمة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد ووقف المشكل الطائفي الذي لا يقتصر على تهديد السلم الأهلي فقط، ولكنه يمد بظلاله السوداء على مستقبل أبنائنا وربما أحفادنا أيضاً.
 
مجموعة من ما يقارب الـ 200 من الشخصيات والمؤسسات الوطنية شكلوا تجمعاً باسم «اللقاء الوطني البحريني»، بهدف المساهمة في إخراج البلد من الأزمة السياسية الحالية، والسعي للوصول إلى توافق وطني يجمع كافة المكونات الاجتماعية والسياسية في البلد وطرح فكرة إطلاق حوار وطني شامل وجاد ومنتج، بحضور كافة الجمعيات السياسية دون شروط مسبقة.
 
هذا التجمع عمل على مدى الشهور الأربعة الماضية في إيصال فكرته للمجتمع البحريني، وقام بترتيب لقاءات مع الجمعيات السياسية الفاعلة لطرح فكرة الحوار بين أطياف المجتمع للخروج من الأزمة.
 
خلال هذه الاجتماعات طلب ممثلو اللقاء الوطني من الجمعيات السياسية الإجابة على أربعة أسئلة محورية هي:
-1 هل تقبلون اللقاء والحوار مع الجمعيات السياسية الأخرى؟
-2 هل تقرون جدول أعمال اليوم الأول الذي يتأسس على مبادئ مبادرة سمو ولي العهد؟
-3 في حال تم التوافق على مطالب مشتركة، هل أنتم على استعداد للاتصال بالقيادة السياسية وتقديم هذه المطالب بشكل جماعي؟
-4 هل تقبلون حضور أعضاء من اللقاء الوطني معكم في الاجتماعات المقبلة؟
 
 
رد الجمعيات السياسية جاء كما كان متوقعاً تماماً، فقد وافقت كل من جمعية «الوفاق» و«وعد» و«المنبر التقدمي» و«أمل»، و«التجمع القومي»، و«التجمع الوطني»، و«الإخاء»، على المبادرة كما قبلت بالمحاور والنقاط المطروحة، في حين أبدت كل من «جمعية المنبر الإسلامي»، و«تجمع الوحدة الوطنية»، و«جمعية الأصالة»، و«جمعية العدالة»، مواقف رافضة لمبدأ اللقاء والحوار.
 
وحسب التقرير الذي ناقشه أعضاء اللقاء الوطني خلال اجتماعهم يوم السبت الماضي في نادي العروبة، فإن هذه الجمعيات الأربع «اتسمت مواقفها بعدم المرونة، كما رفضت الاجتماع بالجمعيات المعارضة، ووضعت شروطاً مسبقةً قبل المشاركة في الحوار، كما اشترطت أن تكون الحكومة طرفاً في أي حوار منذ البداية، بالإضافة إلى وقف العنف والاحتجاجات في الشارع.
 
وكما يؤكد التقرير فإن هذه الجمعيات لم تكتفِ برفض المبادرة، ولكنها لم تقدّم أو تقترح حلولاً أو بديلاً يخرج البحرين من أزمتها الراهنة.
 
أليس هذا الموقف كفيلاً بالرد على السؤال الأهم: من الذي يسعى إلى إخراج البحرين من هذا المأزق؟ ومن الذي يقف ضد ذلك؟ ومن هو المستفيد من استمرار الأزمة؟ ومن الذي يقف في طريق المصالحة الوطنية؟
 

صحيفة الوسط البحرينية – 15 مايو 2012م