الضوابط المالية التي صدرت قبل ايام عن سمو رئيس الوزراء المتعلقة بالتصرفات المالية للوزارات والجهات الرسمية والتي تلزم الوزارات والجهات الحكومية بنظام للادارة المالية وبالتوجهات والاستراتيجيات العامة للدولة وبرنامج عمل الحكومة، وبانفاق المصروفات في حدود الاعتمادات المالية المقررة، وعدم جواز تمويل اي عجز في ميزانية اي من الوزارات ناتج عن تجاوز الاعتمادات المقررة، وعدم السماح بابرام اي تعاقد او اتفاق او الاشتراك في المنظمات والمؤتمرات والمشاركات الرسمية او التعهد بأي امر يترتب عليه تحميل الميزانية المعتمدة اعباء مالية اضافية، الى جانب الضوابط الاخرى المتعلقة بالشراء والاستئجار والمناقصات والمزايدات والتصرف في املاك الدولة، وغير ذلك من الضوابط.
هذه الضوابط كانت الحاجة اليها ملحة منذ سنوات، وباتت الحاجة اليها اكثر الحاحا في ظل الوضع المالي الراهن والحاجة الى اجراءات عميقة وسريعة لمعالجة العجز المالي غير المسبوق في الميزانية العامة للدولة، وضبط الهدر والاسراف في الانفاق العام، وترتيب اولويات الصرف، وكذلك في ظل التوجهات الرئيسية للسياسة العامة للحكومة التي يبدو انها تعطي اولوية الى مشاريع البنى التحتية، وعليه فان اعتماد سياسة مالية تقوم على رؤية مدروسة ومعالجات صائبة بالنسبة لعدد من القضايا والمعضلات التي تستوجب المعالجة فضلا عن المهمات التي تستدعيها حاجات واولويات الوضع الاقتصادي الراهن، في اطار الموازنة العامة للدولة وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، هو امر تقتضيه طبيعة المرحلة وتحدياتها في ظل عجز مقداره 1.563 مليار دينار، منه مبلغ 836.5 مليون دينار في عام 2011 ومبلغ 727 مليون دينار في عام 2012.
والتوجه الى رفع سقف الدين من 2500 مليون الى 3500 مليون دينار لتغطية العجز لتوفير مساحة كافية لمواجهة الاحتياجات التمويلية للميزانية العامة عن طريق اذونات الخزانة وسندات التنمية وادوات التمويل المتوافقة مع الشريعة الاسلامية، وهو التوجه الذي بينته وزارة المالية في حيثيات ردها على لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب.
المطلوب ان تأخذ هذه الضوابط مداها الحقيقي بشكل صارم، وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة على اي وزارة او جهة حكومية تخالف هذه الانظمة والضوابط، وتقع على ديوان الرقابة المالية والادارية بالدرجة الاولى ثم وزارة المالية هذه المسؤولية التي ينبغي التشدد في الالتزام بها، ووقف تكرار مختلف اوجه التجاوزات والمخالفات التي مست ادارة المال العام بشكل او بآخر، واخيرا لا بد ان تعطى تقارير ديوان الرقابة المالية والادارية الاعتبار والاهتمام الذي تستحقه حتى تكون الجهود متكاملة في المسعى لضبط التصرفات المالية للجهات الرسمية.
13 مايو 2012