كم كنت اتمنى منذ الصغر ان تطأ اقدامي تراب فلسطين المحتلة. ربما كان خيال يافع يرنو ان يزور بلدا لم يره إلا في شاشات الاخبار، وطيارات القصف تدك أرضه دكا. وربما لم نسمع عن هذا البلد إلا في كتب التاريخ التي كانت تعطى لنا حين كنا في المراحل الدراسية المختلفة، ولا أدري ان كانت تدرس حتى الان او تم الاكتفاء بالتطرق للاتفاقيات الموقعة بين الاطراف المتنازعة حسب تلك التعابير التي ترد في بعض بطون الكتب. حتى جاءت دعوة من المؤسسة الخيرية الملكية لزيارة قطاع غزة في فلسطين، حينها قلت ان الفرصة جاءتني لأضع اقدامي على هذه الارض، وأرى بعيني ترابها وشعبها. ومصادفة في اكتوبر من العام الماضي، كنت قد تعرفت على شاب فلسطيني من غزة ايضا، طموح ومتشبث بأرضه، وكان لي حوار معه حين كنا مبتعثين ضمن برنامج الزائر الدولي للولايات المتحدة الامريكية، وقتها كان هو الاقرب لي من بين الزملاء العرب جميعا.
ومن ضمن المسامرات بيننا، جرى حديث بيني وبينه عن بلده فلسطين، فوجدته مقتنعا كل الاقتناع ان بلده سيعود كل شبر فيه، فقلت له هذه اضغاث أحلام، والواقع ان المحتل لن يخرج ابدا، ولا بد ان تتقبلوا الواقع. أخبرني ان حديثي لا يمكن ان يقبله اي شاب فلسطيني ولا حتى كهل، فهم للعودة راغبون، وجني الزيتون من أرضهم طامحون.
ودعته قبل العودة الى البحرين بعد انتهاء برنامج الزائر الدولي وداعا لا لقاء بعده، ولم اظن حينها ان القدر سيأخذني الى غزة لألتقي به مجددا على ارضه. لم استغرب ان يكون اللقاء به حارا، ولكن استغربت من لقاء اهل غزة ممن لم يعرفوني أو يلتقوا بي، في الشوارع او المطاعم او اي مكان التقيت بهم وعرفوا انني بحريني، حقا هم شعب مضياف وكريم، يحبون الضيف العربي، فبزيارتنا لهم يعرفون اننا لن ننساهم حينها يطمئنون.
ولهذا كم كانت تلك المشاريع الخيرية التي اقامتها البحرين على أرضهم محل اعتزاز وفخر لدى الفلسطينيين، ليس لأنها ستساعدهم، بل لأنهم سيشعرون ان هناك شعبا عربيا في بلد عربي يفكر في شعب مظلوم تحيط به اسوار الاحتلال. هم محتاجون الى من يمد لهم يد العون، ولكنهم شعب عزيز متعفف، لم نجد منهم احد يتسول. لا يمكننا بعد زيارتنا الى هذا القطاع، إلا ان نقول للمؤسســة الخيريـــة شكرا لكم، فقد أدخلتم السرور على غزة واهلها.
ألأيام 25 ابريل 2012