التوجه باصدار التشريعات اللازمة لتطبيق نظام الحوكمة في القطاع الحكومي الذي اعلن عنه في سياق ما بحثه مجلس الوزراء يوم الاحد الماضي «لتعزيز الاداء المؤسسي ورفع مستوى الكفاءة والانتاجية في هذا القطاع تنفيذا لمرئيات حوار التوافق الوطني»، هذا التوجه مطلوب، ويفترض ان يكون في صدارة اهتمامات واولويات الحكومة، فالحوكمة في العمل الحكومي هي اليوم سمة مميزة للبلدان المتقدمة والمتطورة، فهي تعني ادارة متسقة وجودة في الاداء وسياسات متماسكة، وقرارات تراعي المسؤولية والشفافية، والمحاسبة وانفاذ القانون، وحسن ادارة المال العام، والاستغلال الامثل للموارد والانضباط المؤسسي.
صحيح ان الحوكمة، تعددت مصطلحاتها، ولكن كلها لا تخرج عن تلك الاسس، وهي اليوم نهج ومبادئ واسلوب لممارسة الادارة الرشيدة التي تدور في فلك الاصلاح الذي انتقل مفهومه من السياسة وادارة الدولة الى المؤسسات والهيئات، ولذلك اصبحنا نجد من يطرح او يدعو او يتبنى بنهج الحوكمة في الشركات والمؤسسات المالية والمصرفية، في التجارة، في التنمية، في قطاع الاستثمار، وفي الجمعيات والاحزاب والمنظمات.
يهمنا الآن الشق المتصل بالحوكمة في القطاع الحكومي، فمجلس الوزراء وتنفيذا لمرئية من مرئيات حوار التوافق الوطني تدارس في جلسته الاخيرة الاتجاه للاخذ بالحوكمة، والمرئية المعنية تدعو بالنص الى: الحوكمة في ادارة الشأن العام، والمال العام والزام جميع الشركات الحكومية التي تساهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على 30% من رأس المال بتطبيق انظمة واجراءات الحوكمة.
ذلك يعني انه اذا ما اخذت الحوكمة المرتقبة في القطاع الحكومي مداها المأمول، واصبحنا على وعي كامل باهميتها وبضرورتها وبالحاجة الفعلية اليها وباعطاء موضوع المساءلة والشفافية العناية القصوى، نكون عندئذ امام مرحلة جديدة من العمل بالقطاع الحكومي بانسانه ونصوصه وطرقه واساليبه ومفاهيمه، ادارة اكثر فاعلية ومنفذة لقرارات على اساس قوانين واضحة لا لبس فيها ولا تعقيد، ومهيأة لتحمل مسؤولياتها بجدارة في مجالات النهوض الاجتماعي والاقتصادي، وهو امر بالنهاية يخدم الاقتصاد والمستثمرين والمواطنين.