رأى المنبر التقدمي في البيان الذي أصدره، منذ أيام، حول الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى جزيرة أبوموسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران، هي وجزيرتا طنب الكبرى وطنب الصغرى، أنها في توقيتها ومغزاها تحمل رسالة سلبية الدلالة على إصرار إيران على احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، التي سبق للشاه أن احتلها في بداية سبعينيات القرن الماضي، واستمر نظام الجمهورية الإسلامية في احتلالها، رافضاً كل الدعوات المخلصة التي أطلقتها دولة الإمارات والدول الخليجية والعربية لتسوية الموضوع في إطار القانون الدولي، وانطلاقاً من السيادة المعترف بها لدولة الإمارات على هذه الجزر العربية.
وجاءت تصريحات الرئيس الإيراني خلال زيارته للجزيرة لتؤكد النوايا التوسعية لإيران في المنطقة، وتعيق الجهود البناءة لإقامة علاقات التعاون وحسن الجوار بين دول الإقليم الخليجي العربية وبين إيران، ولتضيف عامل توتر جديد في العلاقات الإيرانية الخليجية، التي يجب أن تتأسس على قواعد احترام سيادة الدول القائمة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
هذه الزيارة تؤكد بواعث القلق في المحيط الخليجي من تنامي الدور الإقليمي لإيران، وسعيها لامتلاك عوامل قوة إضافية، ويمكن العودة إلى الوراء بعض الشيء لتذكر أن عوامل الريبة أو عدم الاطمئنان في المحيط الخليجي تجاه إيران ليست وليدة الساعة، ولا ترتبط بقيام الجمهورية الإسلامية، فحتى في عهد شاه إيران كانت هذه العلاقة محاطة بجو معقد، رغم العلاقات الطيبة التي كانت تربط النظام الشاهنشاهي بالدول الغربية عامة، وبالولايات المتحدة خاصة والتي كانت مصدر التسليح الرئيسي لطهران.
علينا في هذا السياق تذكر المطالبة الإيرانية بضم البحرين والتي جرى احتواؤها دولياً من خلال استطلاع للرأي قامت به الأمم المتحدة في البحرين للوقوف على تطلعات شعبها وقواه الاجتماعية والسياسية، التي عبرت بقضها وقضيضها عن تمسكها بعروبة البلاد ورغبتها في أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة.
لكن مطامح ومطامع إيران التوسعية لم تتوقف، فما كاد ملف البحرين يسوّى حتى سارعت إيران إلى احتلال الجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة وسط غض طرف مقصود من القوى الدولية المعنية، فسّر في حينه بأنه أشبه بالتواطؤ أو حتى الصفقة مع الشاه.
لم تُعِد الجمهورية الإسلامية النظر في مجمل السلوك التوسعي للشاه وتنسحب من الجزر الإماراتية الثلاث التي احتلها، بل إن أصوات نافذة في النظام الجديد في السنوات الأولى للجمهورية الإسلامية أعادت المطالبة بضم البحرين، وما فتأت مثل هذه الأصوات تنطلق بين الحين والآخر في طهران.
ما من قوة محلية أو إقليمية استفادت من مجمل التطورات التي حدثت في المنطقة باحتلال العراق بعد سقوط العاصمة بغداد في التاسع من ابريل / نيسان عام2003 أكثر من إيران، التي خدمها صعود القوى السياسية الجديدة إلى السلطة في العراق، وهي قوى تشدها إليها أواصر قربى مذهبية وسياسية، مكنت من تنامي النفوذ الإيراني إقليمياً، وترافق ذلك مع صعود القوى الأكثر تشدداً داخل المؤسسة الحاكمة هناك، التي وجدت في الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد الصوت «الشعبوي» الممثل لها، وفي نطاق هذا النهج تأتي الزيارة الاستفزازية لنجاد للجزيرة الإماراتية المحتلة.
19 ابريل 2012