المنشور

سـوق العمل الخليجي


هل يمكن قيام سوق عمل خليجية موحدة كتلك التي يدعوا اليها مدير عام المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشئون الاجتماعية لدول مجلس التعاون الخليجي عقيل الجاسم في لقائه المنشور اليوم في هذا الملحق؟.
 
هو لا يتبني الدعوة الى ذلك فحسب، بل يؤكد على اهميتها ويشدد على ضرورة ان تكون جزءا اساسيا من السوق الخليجية المشتركة، صحيح ان دول مجلس التعاون تشترك في مواجهة تحديات تتصل بواقع سوق العمل ومخاطر العمالة الوافدة والبطالة، وتطوير القوى العاملة الوطنية للرفع من معدلات انتاجيتها وقدرتها التنافسية، وان هذه الدول تبنت من السياسات والاجراءات ما يستهدف تقوية قدراتها على مواجهة تلك التحديات على المديين المتوسط والبعيد. لكن الصحيح ايضا ان هناك تحديات ومخاطر غير مسبوقة باتت تواجهها دول التعاون، ومن ضمنها الاختلالات الديمغرافية والتشوهات الحاصلة في سوق العمل الخليجي التي اصبحت في نظر كثيرين تشكل قنابل موقوتة خاصة جراء الارتفاع المطرد الرهيب في اعداد العمالة الوافدة وما يعززه ذلك من تأثيرات اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية.
 
الافراز السياسي هو بيت القصيد، فالجاسم يلفت الانتباه الى بعض الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق العمالة المهاجرة التي تضغط باتجاه منحها حقوقا سياسية تصل بإقرار أحقيتهم في الانتخاب والترشح للمجالس البلدية، وقد يكون هذا بداية تمهد للمجالس البرلمانية لاحقا. ليس معلوما حتى الان مدى جاهزية دول التعاون في مواجهة ذلك، بل وازاء مجمل التحديات والمشاكل التى تواجهها على صعيد سوق العمل، وقدرتها على احتواء التأثيرات السلبية للواقع الراهن الذى آل اليه هذا السوق، واذا كانت الدعوى الى قيام سوق عمل خليجي تأتي في سياق العمل على مواجهة هذه التحديات، فليكن هذا الخيار مطروحا بجدية على بساط البحث والتداول في مؤسسات صنع القرار بالمنطقة، ولكن ان تربط هذه الفكرة او هذا التوجه ان اعتبرناه كذلك بان يكون جزءا من السوق الخليجية المشتركة فانه يتعين علينا في هذه الحالة ان نعيد حساباتنا، فالسوق الخليجية التي يفترض ان تكون قائمة منذ بداية عام 2010 لازالت كأنها لم تكن، ولذا نخشى ان نكرر الحديث عن التحديات والمخاطر التي تتعاظم باستمرار دون معالجات لها قيمة واعتبار.