لم يكن من المفترض أن تأخذ قضية الطفل عمر ذي الأربع سنوات كل هذا المنحنى التصعيدي والتفسير الطائفي حتى وإن كانت قد وقعت بالفعل، مع أن المعلمة المعنية نفت في مقابلةٍ معها تنشر اليوم في صحيفة «الوسط» نفياً قاطعاً، طلبها من الطفل عمر أو أي طفل آخر في المدرسة تقبيل قدمها.
المعلمة وفي ردّها على الاتهام الموجه إليها قالت إنها «مستعدة للقسم على كتاب الله أنها لم تقم بذلك العمل» وأن «الحادثة مختلقة ولا أساس لها من الصحة أبداً، وإنه تم استغلالها طائفياً باستغلال الظروف التي تعيشها البحرين».
القصة انتشرت بشكل واسع ليس في البحرين فقط وإنما على وسائل الاتصال الإلكتروني في جميع أنحاء الخليج، ووجدت فيها بعض القنوات التلفزيونية والصحف المحلية فرصةً ذهبيةً للانقضاض على طائفةٍ بأكملها، في حين أصدرت جمعيات سياسية ومنظمات حقوقية بيانات الشجب والاستنكار، وطالب البعض بأقسى العقوبات على المعلمة والمدرسة، فيما تطوّع البعض الآخر برفع القضية إلى النيابة العامة وربطها البعض الآخر بما أسماه «أعمال العنف والتخريب» في البحرين، وذلك حتى قبل أن يسمع أحدٌ رأي المعلمة المعنية أو المدرسة أو حتى قبل أن تصل وزارة التربية إلى نتيجة من خلال التحقيقات التي تجريها، وإن كانت هذه الحادثة قد وقعت أصلاً أم لم تقع. الجميع اكتفى بما قاله والد الطالب عمر وبنى على ذلك موقفه.
ما صدر حتى الآن من وزارة التربية والتعليم يزيد الأمر غموضاً، بدل أن يكشف الحقيقة، فهل من المعقول أن الوزارة لم تعرف حتى الآن حقيقة ما جرى، حتى أن بيان الوزارة المنشور أمس لم يكن مفهوماً وإنّما زاد الأمر تعقيداً، والقضية غموضاً.
فالوزارة تقرّ في بيانها أمس بأنها «شكّلت فريق عمل لمتابعة الموضوع وصولاً إلى اتضاح الصورة بشكل نهائي ودقيق»، كما تقر بأن هناك «تضارباً في المعلومات». ففي حين تقول مديرة المدرسة إن المعلومات التي لديها تؤكد واقعة تقبيل الطالب لقدم المعلمة، يؤكّد مدير القسم العربي الذي قام بالتحقيق في القضية مع المعلّمة أن «الواقعة تتمثل في قبول المعلمة بتقبيل الطلبة لوجنتيها بشكل منتظم». ولم يُشِر بيان الوزارة إلى ما دار من حديثٍ حول الموضوع خلال اجتماع الوزير ووكيل الوزارة كل على حدة مع مالك المدرسة ورئيس مجلس إدارتها ورئيس المدرسة ومدير القسم العربي الذي قام بالتحقيق في القضية.
كما ذكرت الوزارة في بيانها أنها وجهت إنذاراً للمدرسة بسبب عدم إجرائها تحقيقاً رسمياً ومكتوباً، كل ما نفهمه من بيان الوزارة هو أن القضية مازالت في طور التحقيق وأن التهمة لم تثبت على المعلمة حتى الآن.
ما نطالب به المدرسة ووزارة التربية والتعليم هو إجراء تحقيق عادل إظهاراً للحقيقة ولكي يأخذ كل ذي حق حقه، وأن تقوم الوزارة بالكشف عمّا قد يتوصل إليه التحقيق، حيث إن القضية أصبحت الآن قضية رأي عام.
صحيفة الوسط البحرينية – 27 مارس 2012م