المنشور

عرقلة الحوار لمصلحة من ؟


هناك من يسعى بكل جهد وإخلاص لإخراج البلد من الوضع المتأزم الذي دخل عامه الثاني، فيما هناك من يسعى بكل جهده لإبقاء الوضع على ما هو عليه، ويضع العوائق واحدة بعد الأخرى لتأجيل الانفراج السياسي ما أمكن.
 
ففي الوقت الذي رحبت فيه الجمعيات السياسية المعارضة خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس بالحوار الجاد الذي ينبغي أن يفضي إلى حل سياسي توافقي شامل ودائم، يحقق العدالة والمساواة ويحفظ مصالح أبناء البحرين بجميع مكوناتها ويخرج بلادنا من الأزمة السياسية الدستورية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام إثر تواري الحل السياسي وفرض المعالجات الأمنية والعسكرية التي راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين والمتضررين من سياسة العقاب الجماعي، التي طالت المعارضة السياسية وجمهورها وفئات واسعة من الشعب البحريني.
 
رفض تجمع الوحدة الوطنية الحوار المتوقع، بسبب «عدم توافر المناخات السياسية التي تكفل نجاح مثل هذا الحوار وتحقيق الغايات منه»، وقال إنه لن يشارك فيه، ولا أعرف كيف يمكن التنبؤ بفشل الحوار حتى قبل أن يعلن عن بدئه وقبل معرفة الأطر التي سيتم من خلالها، ومن الذي سيشارك فيه، وما هي شروطه ومرجعياته وسقفه، إلا إن كان هناك موقفٌ مسبقٌ من الحوار بشكل عام.
 
المتضرر من الوضع الحالي لا يمكن له إلا البحث عن أي مخرج ينهي الأزمة وبأقل الخسائر، فيما المستفيد من استمرار الأزمة سيبحث عن أي مبرّرٍ لتأخير الحل ليحصل على أكبر المغانم، وليس هناك تفسير آخر مهما اجتهد البعض في التحليل.
 
إن الوضع الأمني المتأزم هو «نتيجة» وليس «سبباً»، وما يجب فعله من خلال الحوار هو وضع حلول للأسباب التي أدت إلى هذا الوضع وليس مناقشة النتائج، وإلا عاد الوضع على ما هو عليه سابقاً. ولذلك لا يمكن اشتراط هدوء الشارع قبل الدخول في أي حوار، فلا يمكن بأي حال من الأحوال قبول الناس بعدم المطالبة بحقوقهم ونسيان ما أصابهم خلال الفترة الماضية لمجرد «وعود» تطلق في الهواء.
 
لا أحد يقف مع العنف والجميع يدينه، ولكن هناك من هو متضررٌ مما يحصل الآن، وهناك من لا يتعدى دوره دور المتفرج، ومع ذلك يضع شروطاً مسبقة.
 
لقد تقدمت الجمعيات المعارضة بمرئياتها للإصلاح والخروج من الأزمة، في حين لم نسمع حتى الآن بطرح القوى المناهضة للحوار أية مرئيات ولا نعلم سبب ذلك، إلا أن تكون هذه القوى ليست لديها مرئيات أصلاً، فإن ذلك موضوع آخر.
 

صحيفة الوسط البحرينية – 20 مارس 2012م