ما هو مؤكد حتى الآن هو طلب جهات مسئولة في الدولة من الجمعيات السياسية تسليم مرئياتها بشأن الحراك السياسي في البحرين والإصلاحات الممكن تنفيذها لإخراج البلد من المأزق الحالي.
الجمعيات السياسية قامت بدورها وسلمت مرئياتها كُلٌ على حدة، وهي تنتظر الآن الخطوة المقبلة من جانب الحكومة، إن كان هناك مثل هذا التوجه لدى السلطة، فالوضع السياسي بشكل عام والتعتيم المتعمّد على أيِّ تحرُّك في هذا الاتجاه لا يمكن أن يقدم أيَّ مؤشر أو يوحي بأنّ هناك انفراجاً قريباً مقبلاً، فالجميع متأكد من أنه لا مجال لحوار مقبل ما لم يتم التوافق بين جميع الأطراف (الحكومة والمعارضة والموالاة) كخطوة أولى.
لا أحد يتحدث عن الحوار المقبل غير جهات قريبة من الحكومة تشير وبشكل غير رسمي إلى ملامح عامّة لا يمكن الاستناد إليها في حين تنفي الجمعيات المعارضة بشكل كامل قيام أي حوار بينها وبين الحكومة.
وفي حين يرى البعض أن ما يتم الحديث لا يعدو كونه بالونات اختبار لردات فعل الأطراف المعنية وما يمكن أن تقدمه من تنازلات، حتى أنهم يقولون إن المعارضة قدمت تنازلات معيَّنة في مرئيّاتها التي قدمتها، يؤكد البعض الآخر بأنه لا توجد نيّة جادّة للحوار في الوقت الراهن وأن لا أحد من جميع الأطراف مستعد لتقديم أي تنازلات مهما كانت وخصوصاً الجانب الحكومي.
هناك أطراف تستبق الأمور وتضع شروطاً مسبقة وغير عقلانية بهدف تعطيل أيّة بادرة أو توجُّه لحلِّ الأزمة، وكأنّ الوضع الحالي هو ما تريد استمراره، وليس مهمّاً عندها سقوط المزيد من الضحايا، فكل ما يهمها هو الحفاظ على موقعها الذي فقدته خلال السنوات الماضية وبدأت في استرجاعه خلال فترة الأزمة عن طريق «الفزعة»، واستطاعت خلال الفترة السابقة تحويل المطالبات الشعبية بالإصلاح والتنمية إلى نزاع طائفي بين مكونات المجتمع.
لا يمكن لأحد التنبُّؤ بما هو مقبل وما هو حجم التضحيات التي يجب على البحرين تقديمها من أجل أن يقتنع الجميع بأن لا مجال آخر سوى الحوار والتوافق والإصلاح، وأن التعنُّت والاستمرار في رفض الآخر من أجل الحفاظ على مكاسب آنيّة لا يمكنه إلا إرجاع البحرين للخلف مع المزيد من الخسائر والمزيد من الفرقة.
صحيفة الوسط البحرينية – 13 مارس 2012م