هذه المرة أستأذنكم في أن أضع تحت نظركم بمزيد من السرعة ومزيد من الإيجاز ومن دون الوقوع في فخ التبسيط والاختزال، ما يمكن ان يعد مجموعة إشارات أو افكار أرجو ان تكون جديرة بالتأمل، احسب ان لها بالنهاية خلاصة اتركها لكم.
– السياسة هي طرق ادارة الصراعات وقيل بأنها فن الممكن.. وقيل بأنها المبادئ والقيم التي تثبت مشروع الدولة، والمدخل لحكم القانون ومفهوم واقعي للعدالة. وقيل بانها فن المداهنة والمراوغة، وقيل بانها فن يقرب ما يبدو بعيدا عن الفهم ويحّول ما يبدو مستحيلا الى ممكن، وقيل بان السياسة كمفهوم وكممارسة تعني الانفتاح ومواجهة التحديات بمنطق سليم وعمل دؤوب.. والسياسة هي التي لا تحبس الخيارات بل تدعها تتكاثر وتتكاثر ولا تدع بابا واحدا مغلقا. وهي ايضا تعني انتاج حلول وافكار ووضع المعاني الكبيرة التي تضيء اكثر مما تضلل، تصدق أكثر مما تكذب، تحدد المسار أكثر مما تشتت، والسؤال الجوهري، هل ما يمارسه السياسيون في بلادنا هو سياسة؟!
– نلاحظ مبالغة البعض في إسباغ وصف الاصلاح على كل شأن.. وهذا أمر لا اعتراض عليه البتة. ولكن أن يكون ذلك مجرد وسيلة للتحصين من المؤاخذات والانتقادات و” تصعيب” التعرض لمسؤول، او مشروع، او برنامج، او سياسات او اجراءات، وإلا ظهرت وكأنك تهاجم الاصلاح وتعرقل مسيرته، حتى وان كانت محاولات اصلاحية وهمية وغير صادقة، او مجرد بهرجة اعلامية، فذلك يعني ان هناك اطرافا عديمة المسؤولية والامانة، وما يمارسونه ما هو الا نوع من التضليل والاحتيال..!!
– أسوأ الامور حين نرى باطلا يعطل الحق بقوته، وحق لا يجد من يحميه، وفساد لا يجد من يردعه، وفاسد يرفع لواء الاصلاح، ومسؤول بلا فكر ولا كفاءة ولا ابداع، ووزير لا يعمل الا بتوجهيات، ونائب بدلا من ان يكون متحدثا باسم الشعب نراه وكأنه مجرد موظف علاقات عامة في جهاز حكومي.
– ألم ندرك بأن من بين أسوأ ما اصبحنا نعاني منه هو ان يتحول اللامعقول الى معقول، وان من بين اخطر ما يواجهنا ان نعتاد على كل هذا الذي يجري وكأنه شيء عادي..!
– البحرين ليست بحاجة الى من يخلق الازمات، وليست بحاجة الى التشكيك في وطنية اي طرف، وليست بحاجة الى من يقسم الوطن، وليست بحاجة الى من يثير البلبلة بحق او بباطل، وليست بحاجة الى من يطالبون بالشيء وضده في آن واحد، وليست بحاجة الى مسؤولين وسياسيين ونشطاء ورجال دين ومن في حكمهم من الاستعراضين الذين يريدون ان نعود الى أسوأ مما كنا من ضياع وفلتان وصراعات، هي بحاجة قبل كل شيء ان يشعر الجميع في هذا البلد بخطورة هذا العبث الحاصل الآن ووجوب ان يتوقف اليوم قبل الغد.
– كثر من الناس نراهم هذه الايام يتحدثون باسم الشعب.. ويفكرون بالنيابة عن الشعب، ويطرحون ما يعن لهم من رؤى ومطالب باسم الشعب، في الوقت الذي هم ليسوا اهل ثقة من الشعب..!! أليست هذه معضلة. وأية معضلة..!!
– كأنه مكتوب علينا ان لم نجد مشكلة تشغلنا وتلهينا، نختلق فورا مشكلة تلو مشكلة حتى نختلف ونتشتت، وكأن كل المشكلات الحقيقية التي نعاني منها انتهت ولم تعد عندنا مشكلة..!!
– لا معنى للحديث عن الاصلاح اذا لم نحارب الفساد.. واذا لم نتخذ موقفا حاسما ورادعا وثابتا من العناوين الرئيسية في قضية الفساد.. سنظل نناور ونضيع الوقت، وسنبقى في مكاننا نراوح..!!
– سؤال: ألم يأخذ بعضكم الغيظ ذات لحظة وراح يصب نقمته على ما يراه أمامه من مظاهر فساد وتمنى في قرارة نفسه لو انه كان صاحب قرار ولو ليوم واحد ليضرب بيد من حديد على ايدي الفاسدين، سؤال في منتهى البراءة..!
– نخطئ خطأ اذا ظننا ان الاصلاح المنشود يقتصر على الحكومة واجهزتها، صحيح ان الاصلاح في هذه الحالة مطلوب وملح وجوهري ولابد منه، ولكن الصحيح ايضا ان مؤسسات مجتمعنا المدني وجمعياتنا السياسية والنقابية والمهنية والاجتماعية والخيرية في حاجة الى اصلاح هي الاخرى.. وهذا هو الآخر امر مطلوب وملح وجوهري ولابد منه، كثير من هذه المؤسسات لم تمتد اليها يد الاصلاح والتغيير والتطوير، وكثر من القابضين على زمام امورها من نشأتها حتى الآن يطالبون بالاصلاح وضخ دماء جديدة في دماء العمل العام وفي الادارة الحكومية وينسون انفسهم..!! اين ارادة الاصلاح الحقيقية.. الله اعلم.
– المسؤولون انواع.. نوع لا حول له ولا قوة مجرد واجهة، وجوده وعدم وجوده سيان، ونوع تشعر امامه باننا نعيش في مأساة ويجعلك تؤمن بمقولة «عالجوا الاسباب تعالجون النتائج»..!، ونوع يشعرك بان ليس هناك اروع ولا اجمل مما نحن فيه، ونوع وجودهم في موقع مسؤولية مشكلة في حد ذاته، ونوع يشعرك بانك امام نموذج من النماذج الصارخة لحالة الانفصام بين القول والفعل، ونوع يثبت لك ان هناك صعودا لمناصب بلا معايير وان قبضتهم على المنصب اغتيالا للمقاييس واعلاء للتفضيلات، ونوع من المسؤولين يعتقدون انهم أهل لاي منصب، ونوع تراه كأنه يدير معركة غامضة ذات هدف غامض، ونوع يحب «الشو» والبهرجة الاعلامية، ونوع يفرض عليك الاقتناع بضرورة المسارعة في التغيير والاصلاح الاداري، ونوع من المسؤولين تراهم وقد تنازلوا عن صياغة المستقبل وكبلوا امكانات الفعل الحقيقي وجعلوا المنصب مطية، ونوع من المسؤولين يظهرون لنا بانه ليس بمقدورهم العمل والتحرك والطرح والقرار ولا فعل اي شيء الا بتوجيهات. وكأنهم بلا فكر ولا ابداع ولا ارادة ولا احساس بالمسؤولية، ونوع من المسؤولين ليس عليك الا ان تحترمهم وتقدرهم. بوجه عام الحديث عن نوعية المسؤولين يبقى استعراضا لأحد عناصر مشهد الحياة في بلدنا.