عل اثر الخسائر التي تكبدتها طيران الخليج في العام المنصرم شكَّل مجلس النواب لجنة مؤقتة لدراسة اوضاع الشركة من حيث مستوى ادائها العام وابرز خططها التطويرية للمرحلة القادمة، ومن مهمات اللجنة ايضاً دراسة طلب متوقع من الحكومة لدعم الشركة بـ180 إلى 250 مليون دينار بشكل عاجل، ومن جانب آخر اكدت ان أي دعم مادي ومعنوي قادم للشركة سيكون مشروطاً بإصلاحات جذرية واجراءات تصحيحية تقدمها الشركة كخطوة أولى.
وأكدت أيضاً على أهمية وضرورة استثمار العمالة الوطنية والمحافظة عليها وعدم التفريط بأي فرد منها، وفي الوقت ذاته شددت على ان يكون مجلس النواب شريكاً فاعلاً واساسياً في كافة القرارات التي تتخذها الشركة والقائمون عليها وبالتالي لن تسمح بتمرير أي قرار دون الرجوع أو التشاور مع اللجنة.
في حين، وافق مجلس الشورى مؤخراً على المرسوم بقانون رقم (39) لسنة 2010 بفتح اعتماد اضافي في الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2010 والاقتراض لتغطية هذا الاعتماد وذلك بضخ 400 مليون دينار في الشركة كي تتمكن حسب ما اشار الرئيس التنفيذي في تصريح له من تحقيق الاستراتيجية الجديدة التي تهدف إلى استدامة الشركة وانتقالها إلى الربحية خلال الاربع السنوات القادمة.
على أية حال، كل هذه الجهود ضرورية للنهوض بالشركة خاصة في ظل المنافسة الشديدة من الشركات الاقليمية الأخرى التي تتمتع بدعم مادي من حكومات دولها.
أما إذا ما امعنا النظر في المسببات التي قادت الشركة إلى كل هذه الخسائر فانه من غير الصحيح ان نلقي اللوم فقط على الإدارة الحالية وانما ايضاً على الادارات السابقة التي شهدتها الشركة طيلة السنوات الماضية ومن هنا: ما الذي فعلته تلك الإدارات؟ وهل كانت موفقة في إداراتها؟ اين يكمن الخلل؟ وإذا افترضنا هناك ازمة في إداراتها أو أي تلاعب أو تجاوزات مالية حدثت وقتذاك.. فلماذا سكتنا عنها طيلة كل هذه السنوات؟! ولمصلحة من هذا السكوت؟! كل هذه الاسئلة ينبغي طرحها لتحديد المسؤولية حتى لا تتحمل الإدارة الحالية تبعات ما حدث وان كانت هي الأخرى معنية بوضع الحلول لتحقيق الربحية بمعدلات عالية.
وإذا شئنا ان نبحث في جذور المشكلة فعلينا ان نبحث عنها بعيداً عن الحلول الارتجالية، وان نلامس الاسباب الحقيقية، ولا يمكن في كل الأحوال ان تعود هذه الأسباب فقط إلى الأحداث المؤسفة التي اثرت على حركة السفر من وإلى البحرين في بداية 2011 اي نتيجة الوضع الأمني أو للاغلاق المؤقت لخطوط طيران الخليج من وإلى إيران والعراق ولبنان وهي تمثل ما نسبته 25 في المئة من ايرادات الشركة، وكذلك ارتفاع اسعار الوقود، بالاضافة إلى الشركات الخاصة الجديدة التي تعتمد استراتيجية الاسعار المخفضة مقابل الخدمات المحدودة.
وإذا كانت طيران الخليج حققت ارتفاعاً في العائدات في سنة 2010 خفض الخسائر التشغيلية نسبياً وحسن من مستوى الخدمة للمسافرين.. فلماذا لم تحافظ الشركة على هذا المستوى؟ وهل تراجعها يرجع فقط للاسباب السابقة الذكر؟ أم ان هناك اسباباً اخرى يجب ان تطرح على بساط البحث ويجب ان تعالج حتى نتجنب ما هو سلبي يعتق شركتنا الوطنية.
وإذا كان كما يقول وزير المالية ان الهدف من الاقتراض وقف الخسائر والوصول إلى نقطة التعادل ومن ثم إلى الربحية وتأمين مستقبل الشركة بما فيه خدمة استراتيجية للاقتصاد الوطني وحماية مصالح العاملين اهم الحلول في المرحلة الحالية فسؤالنا هنا: كم سنة تحتاجها الشركة للخروج من دائرة الخسائر إلى دائرة الربحية؟ وإذا لم تحقق ذلك على المدى القريب.. فكم من القروض تحتاجها الشركة؟
على العموم وبقدر ما تحتاج ناقلتنا الوطنية إلى مضاعفة الدعم الحكومي تحتاج أيضاً إلى اعادة النظر ربما في السياسة التشغيلية أو الإدارية أو في كليهما معاً، وهذا يعني وفق ما صرحت به اللجنة البرلمانية ان تتبنى اصلاحات جذرية واجراءات تصحيحية دون ان يؤثر ذلك على نسبة البحرنة.
الأيام 25 فبراير 2012