من يقرأ الساحة السياسية في البحرين في الوقت الراهن بعقل منفتح لا يمكنه أن يرى غير أربعة احتمالات للخروج من الأزمة التي استمرت لعام كامل ويمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية إن لم يتم التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.
الاحتمال الأول هو أن يبقى الوضع على ما هو عليه دون تغيير ما يعني المزيد من الخسائر في الأرواح وسقوط المزيد من الجرحى وتأزم الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي واستمرار الحديث عن البحرين كبؤرة متأزمة ما يبعد الاستثمارات الأجنبية والمحلية عن التفكير في البحرين كمحطة يمكن الوثوق بإمكانية طرح المزيد من الأموال فيها على المدى المتوسط على أقل تقدير.
الاحتمال الثاني هو أن تطرح الحكومة حزمة من الإصلاحات السياسية بشكل منفرد دون التشاور مع الأطراف المعنية كأمر واقع يفترض أن يقبل بها الجميع، وهو ما حاولت فعله من خلال حوار التوافق الوطني الذي غلب فيه طرف موالٍ للحكومة على بقية الأطراف ولم يفضِ إلى ما أُريد منه ولم يقنع أحدٌ بجديته غير قوى الموالاة، حيث انسحبت القوى المعارضة منه بعد أن رأت أنه لا جدوى من الاستمرار فيه، بدليل أنه لم يتم التوافق على أي مقترحات تقدمت بها المعارضة.
أما الاحتمال الثالث فهو دعوة الحكومة لحوار وطني آخر وبالروح والتوجه نفسهما الذي تم به الحوار الأول بحيث يغلب رأي على الآخر من خلال اختيار أطراف الحوار لكي يفضي إلى حلول تم الاتفاق عليها بشكل مسبق وهو احتمال تمت تجربته ولم يفضِ إلى شيء.
الاحتمال الرابع هو المصالحة الوطنية ودخول الحكومة مع المعارضة الوطنية دون إضافات مصطنعة لا تضيف بقدر ما تصنع عراقيل بحيث يتم تحييد هذه الإضافات الطارئة بعد أن لعبت الدور المرسوم لها وقدمت ما يفترض منها تقديمه.
من يقرأ الساحة السياسية بواقع لا يمكن له إلا النظر إلى الاحتمال الرابع كمخرج للأزمة البحرينية، إن كان يرى ما يحدث الآن هو أزمة أما من يرى بأن ما يحصل هو نتيجة إملاءات خارجية ويبني برنامجه السياسي على هذا الأساس فعليه أن يعيد حساباته وأن يضع له الخطة (ب)، فهناك حديث عن أن الحكومة تتحاور الآن مع قوى المعارضة بعيداً عن أي طرف آخر فماذا سيكون موقف هذا الطرف بعد أن يتم التوصل إلى حلول لم تأخذها في الحسبان؟
يجب على الجميع أن يفهم بأن لدى الحكم مصالحه ولدى المعارضة مطالب حقيقية وأن التوصل لحل يرضي الطرفين ليس بالمستحيل.
في الأيام القليلة الماضية خرجت تصريحات ومعلومات عن أن الحكومة بدأت بمفاوضات مع القوى المعارضة وتم الاجتماع مع جمعية الوفاق والقوى الديمقراطية كل على حدة للخروج من الأزمة وبما يضمن المزيد من الحريات والديمقراطية والتعديلات الدستورية المطلوبة بما يعطي دفعة جديدة للمشروع الإصلاحي، نتمنى ذلك لخير البحرين ولخير شعب البحرين.
صحيفة الوسط البحرينية – 21 فبراير 2012م