أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أمس الأحد (19 فبراير/ شباط 2012) في القاهرة تقرير تحدّيات التنمية في الدول العربية للعام 2011، موضحاً بأن الديمقراطية ضرورية ولكن الفشل في معالجة تحدّيات العدالة الاجتماعية يُعرّض التقدم العربي نحو التحوُّل الديمقراطي لخطر الإحباط. التقرير أشار إلى أنّ القضايا الاقتصادية لعبت دوراً محوريّاً في الانتفاضات العربية، ولكن عوامل عدة أثرت سلباً على العلاقة بين المجتمع والدولة في البلدان العربية.
التقرير أشار أيضاً إلى أنّ مسار التنمية الذي انتهجته المنطقة العربية لم ينجح في تحويل ثروتها الطبيعية إلى مكاسب مستدامة لتحسين مستوى رفاهية الإنسان العربي، وسبب ذلك «التأثير المفسد للسلوك الريعي على اختيار مسارات التنمية وعلاقات الحوكمة… فلقد أضعفت سياسات الولاء للدولة – التي مورست في المنطقة على مدى عقود – آليات المساءلة المتبادلة التي تحكم العلاقات الحرجة بين الدولة والمواطن، كما أفقدت آليات المحاسبة والضبط اللازمة لتنظيم العلاقة بين دوائر الاقتصاد والسياسة قوّتها».
«السلوك الريعي» يرتبط بالدولة «الريعية»، وهي تلك الدولة التي تستمد معظم أو جزءاً كبيراً من إيراداتها من مصدر خاص، مثل النفط، أو مساعدات من العالم الخارجي. وعلى هذا الأساس فإنّ الدولة الريعية تؤسس علاقاتها مع المواطنين على أساس توزيع الريع مقابل الولاء. وهذا يعني، أنّ الدخل المتوفّر من الريع لا يستخدم من أجل تكوين اقتصاد قويّ منتج ومعتمد على الكفاءات والمهارات والمعرفة، وإنما من أجل تكوين طبقة موالية تغضُّ الطرف عن عدم وجود ديمقراطية وذلك مقابل الاستمرار في حصول هذه الطبقة على حصتها من الريع. وفي الوقت ذاته، تلجأ الدولة الريعية إلى إنفاق نسبة عالية من موازنة الحكومة على القطاع الأمني، وذلك لدفع الأخطار التي تترتب عن انتشار حالة عدم الرضا لدى قطاعات من المجتمع لا ترضى بهذه المعادلة.
تقرير الأمم المتحدة أمس تحدّث عن «السلوك الريعي» الذي أفسد قدرة الدولة على مواجهة تحدّيات التنمية، ولاسيما أنّ مثل هذا السلوك يمنع الحكومات من الاستجابة لمطالب شعوبها في تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية السياسية، وهو ما رأينا شواهد عليه في انتفاضات الربيع العربي في العام 2011
صحيفة الوسط البحرينية – 20 فبراير 2012م