المنشور

الإصلاحات المطلوبة ليست فقط في الإجراءات


نشرت أمس صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية مقالاً احتوى على أفكار مستشار وزارة الداخلية البحرينية الجديد، جون ييتس، والذي كان يشغل منصب مساعد المفوض السابق لشرطة العاصمة البريطانية… ومع احترامي للسيد ييتس إلا أن استراتيجيته تعتمد الجوانب الإجرائية البحتة وتغفل الجوانب السياسية للمشكلة في البحرين. ففي الوقت الذي قارن عدد الجرائم بين لندن والبحرين، أغفل مقارنة كيف تتكون شرطة لندن من كل مكونات المجتمع البريطاني، بعكس وضعنا البحريني غير المتوازن الذي يتسبب في كثير من المشكلات.
 
المشكلة ليست في توسيع قدرات الأجهزة، وليست في اعتماد إجراءات واستراتيجيات لمحاصرة متظاهرين في مكان واحد ثم استخدام وسائل لتفريقهم، كما أن المشكلة ليست لها علاقة بمكافحة جرائم سرقة؛ لأن الوضع – وكما أشار ييتس – مختلف وشعب البحرين ليس معروفاً عنه الجرائم التي تنتشر في أماكن أخرى بالعالم.
 
وفي الوقت الذي لا أشك في قدرات ييتس – من الناحية الفنية – في مواجهة أحداث شغب وغيرها، إلا أن المؤسف أن التوصيات التي تطرق إليها تقرير لجنة تقصّي الحقائق بعيدة كل البعد عن استراتيجية ييتس. فمثلاً، جاء في توصية تقرير تقصّي الحقائق (رقم 1722 هـ) «توصي اللجنة بأن تُقيم الحكومة بصورة عاجلة، وأن تطبق بشكل قويّ، برنامجاً لاستيعاب أفراد من الطوائف كافة في قوى الأمن».
 
والمؤسف حقاً أن الحكومة تحدثت عن 500 شخص «من كل الطوائف» سيتم توظيفهم في شرطة المجتمع، وهو نوع من أفراد الشرطة أقرب منه إلى العاملين في النصائح الاجتماعية، هذا في الوقت الذي تخلو قوات الأمن على جميع المستويات من تمثيل معقول لمكونات المجتمع البحريني، وهذا أمر تختص به البحرين، ولربما تكون الوحيدة أو من الدول القلائل جدّاً (شخصياً لا أعرف أي دولة أخرى) في القرن الحادي والعشرين ممن تتعامل بهذه السياسة الغريبة… وأكثر استغراباً أن نائب مفوض شرطة سابق في لندن لا يتطرق ولو بكلمة واحدة لهذا الجانب، ولاسيما أن لجنة تقصّي الحقائق التي عرضت تقريرها في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 أمام القيادة السياسية وأمام العالم قد أشارت إلى هذا الموضوع.
 
اليوم يوافق 14 فبراير/ شباط، وهو يوم لذكريات وطنية جامعة (قبل 11 سنة عند التصويت على ميثاق العمل الوطني)، وهو أيضاً يوم لأحداث مريرة جدّاً بدأت العام الماضي في هذا اليوم، ونحن ندعو إلى فتح صفحة جديدة قائمة على إجراء إصلاحات سياسية حقيقية، وعدم الاعتماد فقط على إصلاح الإجراءات الفنية التي لا تنظر الى الجانب البشري في المعادلة
 

صحيفة الوسط البحرينية – 14 فبراير 2012م