في العام 2002 قامت السلطة التنفيذية بإصدار أكثر من خمسين قانوناً بسرعة فائقة، وذلك قبيل عقد أول انتخابات نيابية. الكثير من تلك القوانين استهدفت تكبيل الحريات بشكل خانق. السلطة التنفيذية كانت تقوم بدور السلطة التشريعية من أغسطس/ آب 1975 حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2002، واستشعرت أن الوقت قد يفوتها وقد يأتي برلمان لا يقبل بإصدار قوانين تتسق مع رغبتها، وعليها فقد زادت الألم الواقع على كاهل من يطالب بالحريات العامة وكثّرت من القوانين التي مازلنا نرزح تحت وطأتها ووطأة القوانين الأخرى التي صدرت في حقبة أمن الدولة.
وحاليّاً، نشهد حملة استباقية مماثلة، إذ إن عجلة التقنين على قدم وساق لتكبيل المزيد من الحريات، ومن خلال ما رأيناه في السنوات الماضية فإن تعديل أيّ قانون يصدر يحتاج إلى جهود إستثنائية، ما لم تكن السلطة هي التي تودُّ ذلك.
تكثير القوانين المكبلة ينطلق من مفاهيم خاطئة… فمن جانب ينظر البعض إلى ما مررنا به ونمر به حالياً سببه قلة القوانين والإجراءات، وبالتالي يقوم بزيادتها. وهذه النظرة خاطئة؛ لأن القوانين المكبلة في البحرين كثيرة جدّاً، وجميعها تنطلق من الشك في المواطن وتبحث عن أسرع السبل لتجريمه، وهي السبب في تأزيم الوضع.
النظرة خاطئة أيضاً؛ لأن المصائب التي حلت بنا سببها انما كانت نتيجة للإحباط والسأم، وهذا ساعد على نشر شعبية المعارضة، ولاسيما أننا نعيش في عالم صغير يستطيع كل شخص يسعى لنيل كرامته أن يقارن ما يحصل في بلاده مع ما يحصل في جميع البلدان التي تحترم حقوق الإنسان وتعترف بمكانة المواطن المحورية في العملية السياسية.
النظرة خاطئة أيضاً؛ لأن مراجعة ما جرى يوضح أن السلطات والأجهزة القائمة على الشك بالمواطن لا تحتاج إلى قانون للقيام بأيِّ عمل تقوم به، كما أنه لا يحدّها من القيام بأيِّ عمل قانون من القوانين، مهما كان ضيّقاً أو واسعاً. وقد قرأنا كيف يتم تبرير كل شيء، وحتى تقرير لجنة تقصّي الحقائق لم يعد حجة ثابتة على الجهات الرسمية، إذ يتم تخريج النصوص بأيِّ شكل يساهم في إبقاء الأمور على ما هي عليه.
استذكرت 2002؛ لأن تلك الفترة كانت غامضة حول ما سيحصل قبيل انفصال السلطة التشريعية عن التنفيذية، ونحن نمر بمرحلة غامضة، وهناك من يعد العدة لأسوأ الاحتمالات في الفترة المقبلة وذلك عبر التمترس بمزيد من الإجراءات والقوانين وهو قد لا يعي بأن كل هذه الممارسات لا تنفع، ولو كانت تنفع لما حدث لنا ما حدث في 2011
صحيفة الوسط البحرينية – 13 فبراير 2012م