المنشور

الطـــــــــــــرق المســـــــــــــدودة ..!


يحق للناس القلقين في هذا البلد وعلى هذا البلد، الرافضون ان يصبحوا سلعة في يد من ابتلينا بهم يعتاشون من الحالة الراهنة بصور شتى عن سابق تصور وتصميم، مساندين الشطحات الانشطارية التي لا تؤدي سوى الى المزيد من المبارزات والمفاجعات التي تمضي بالناس وبالوطن الى ماهو اشد وادهى وافتك، فيما اصحاب الشطحات يظهرون لنا كالابطال عند الجهلة ينطقون باسمهم، ويجودون بما عندهم بكل ما يجعل القلوب ملآنة وافراز كل ما يؤدي الى خيبة الأمل والمضي باصرار نحو الطرق المسدودة.
 
من الطرق المسدودة ان نجد من يزعم رفضه للفوضى وهو يرعاها، ومن يدعو الى مواجهة الطائفية ولكن بالمزيد منها او بانتاج ما يكرس الطائفية ويدافع عنها، ونجد من يطالب بالواقعية السياسية فيما هو يمارس الانتهازية، ومن يطالب بالحوار ويضع العصا في دواليبه، ومن يدعو الى التلاقي ولملمة الخلافات والانشقاقات والتطلع صوب مصلحة البلاد والانحياز لخطاب التصالح والتسامح نجدهم اصحاب مقاصد مضمرة يدبرون في ليل ما يضفي على المشهد المزيد من العتمة والمزيد من التعبئة الخاطئة.
 
من الطرق المسدودة ان يجد البعض ما يتم تداوله هذه الايام من كلام عن تهيئة وتهدئة ومساع وتفاهمات قد تكون شكلا من اشكال الرسائل الايجابية غير المباشرة التي قد تمهد للمباشرة ومن ثم لحلحة الوضع الراهن، وكذلك الكلام الذي تلاه عن «نتائج مشجعة للتهيئة للحوار للم الشمل» بانه لعب على الحبال تارة، او بانه كلام معيب ومشبوه ومشين ومشكوك فيه ومرفوض ومدان ومنفلت وكأن جوقة «المغامرين» و«جماعة من بعدي الطوفان» واولئك الذين ينتظرون ادوارا، ومعهم الذين يظنون – رغم ان بعض الظن اثم- باننا في انتظار فتات رضاهم، كل هؤلاء لا يريدون لنا ان ننتظر او نترقب اخبارا عن لحلحة تمضي بنا الى ما يقرب المسافات ويحصن الدولة بالاستقرار والسلم الاهلي والعدل والاعتدال والانماء والتطوير..!
 
من الطرق المسدودة ان نجد بعض دعاة الحوار والمصالحة هم انفسهم من بين الذين انتجوا الفرقة وكرسوا الانقسام، والذين باتوا يقولون بانهم يرفضون حالة الانشطار تسلحوا بها كشر لا بد من التعامل معه، وبعض من يدعون الى الحق يحوطهم الباطل من كل جانب واللاطائفين افرادا وجمعيات ونقابات ونخب وعقائد وافكار وجدناهم اما على الهامش، او انهم اصبحوا طائفيين اكثر من الطائفيين.
 
من الطرق المسدودة ان نتوهم ان الحل قد يكون حلا اذا انطوى على ابعاد اي فئة، او الانتقاص من شأن اي فئة او اقصاء اي فئة، او الاساءة الى اي فئة او انه بمقدور كل فئة ان تدير ظهرها الى الاخرى، وان نتوهم من بعد ان غاية ذلك السلامة، وان ذلك يمكننا من بلوغ الصلاح والاصلاح والفلاح والاستقرار والسلم الاهلي.
 
من الطرق المسدودة الا نستقبل بارتياح وترحاب ودعم وتجاوب كل خطوة او جهد او محاولة او مبادرة او مشروع اهلي يجمع مواطنين هنا وهناك يراد ان يبني عليه عمل وامل، بحثا عن مخرج يعتقنا من اسر التيه والتخبط وفقدان البوصلة في كل شاردة وواردة، والا نعتبر ذلك في حده الادنى على الاقل نوعا من اشهار الاحتجاج في وجه التأزيم ومحاولات جرنا الى الفوضى الشاملة وجر اقتصادنا الى الحضيض،
 
ومن الطرق المسدودة ان تستمر اقوال وطروحات وبيانات جمعيات وفئات احترفت استثمار الخلافات واستباق الحلول باثارة المزيد منها، اججوا وحولوا محاولات الانقاذ الى اخطار، والصواب الى اخطاء، وجهود المصالحة والمصافحة الى تجاذبات واتهامات وشكوك في النوايا، ووسعوا الهوة بين كل الاطراف واضافوا الى الوضع المزيد من التأزيم والتعقيد لجعل مجريات الامور مستعصية على الحل، وان وجد الحل يراد جعله ممنوعا من الصرف..!
 
من الطرق المسدودة ان تظل مرجعيات وقيادات وزعامات وكتل وتكتلات ومن يحركون الخيوط من هذا الجانب وذاك، ومن يقفون وراء التفاصل الميدانية، ومسار الامور وتطوراتها على الارض، واصحاب المشاريع التي تحيط بها وبهم علامات استفهام وتعجب، والمنظرين من مدعى حب البحرين الذين تفتقت قرائحهم على كل ماهو سيئ وأسوأ من نزوات طائفية ومذهبية ومعهم طبقة السياسيين والانتهازيين الذين لا يعرف لهم رأي ولا موقف الا حسب العرض والطلب، وبجانبهم كثر ممن يفترض انهم يمثلون شعب البحرين من النواب، كل هؤلاء ظلوا متناسين الحال المزرية التي اوصلونا اليها وممعنين فيما يبقى هذه الحالة ويعطل استنهاض الهمم لتجاوزها.

من الطرق المسدودة ان يسود عامل الاحباط واليأس والتسليم باستحالة اصلاح الحال الراهن وتعذر ازالة حقل الالغام المستدامة التي زرعت في واقعنا، وان يكون النواب وقوى مجتمعية ومن يعدون انفسهم من النخب وقادة فكر ورأي، ومن ظهروا نشطاء في كل مجال في الحقوق والسياسة والاجتماع، جزءا من المشكلة وليسوا جزءا من الحل لتتعاظم الاخطاء والاخطار والتراكمات والكيديات واتساع طقوس القطيعة والمقاطعة وتوسيع الهوة والافتراق.
 
من الطرق المسدودة ان يرى كل طرف الازمة والحل من منظوره وزاوية نفوذه وبورصة مصالحه واهدافه القريبة والبعيدة وتهديم كل ما يؤدي الى توليد حل او حلول على الصعد كافة سياسيا وامنيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا ومعيشيا.

اخيرا من الطرق المسدودة الا تدرك كل الاطراف اننا امام خيارين او اختبارين اما المباشرة في رأب الصدع وتسريع الخطوات الى الحل، واما نبقى في مهب الريح عرضة لان تغرق السفينة بنا جميعا، والله المستعان.
 
الأيام 14 فبراير 2012