ما تقوم به بعض الجهات الرسمية والخاصة من رفض إعادة من تمّ فصلهم أو تهميش الكفاءات الوطنية التي تم إعادتها إلى وظائفها بعد تقرير لجنة تقصي الحقائق، يشي بأن بعض المسئولين لا يزالون متمسكين بمعاقبة فئةٍ من المواطنين بعيداً عن قرار الدولة، وهم بذلك يساهمون بشكل متعمد في زيادة إطالة أمد الأزمة وحالة الاحتقان الموجودة أصلاً في الشارع.
أكثر من ثلاثة آلاف مواطن بحريني تم فصلهم من أعمالهم بسبب التعبير عن آرائهم السياسية، العديد منهم يعتبرون من أكفأ الكوادر البحرينية سواءً في المجال الطبي أو التعليمي، أو من القيادات العليا في المؤسسات والشركات.
من بين هؤلاء المفصولين أطباء استشاريون في جراحة المخ والأعصاب والعقم والولادة، وهي تخصصاتٌ نادرةٌ ليس في البحرين فقط وإنّما في جميع أنحاء العالم، إلى جانب رؤساء أقسام وأساتذة في الجامعة ومدراء مدارس ومدرسين وممرضين وموظفين وصلوا إلى مراكز مهمة في مجال عملهم خلال السنوات الماضية بفضل علمهم وكفاءتهم وخبرتهم.
بعض المؤسسات لا تزال ترفض إعادة من تم فصلهم لأسباب معروفة تماماً، في حين أن أغلب من تم إرجاعهم إلى أعمالهم لا يزالون يتعرضون إلى الضغوط المهينة التي تتمثل في تغيير مواقع ومراكز وطبيعة عملهم وتوقيعهم على إنذارات نهائية أو تعهدات مجحفة لا تتفق إطلاقاً مع القوانين المحلية ولا المواثيق والعهود الدولية.
من الحالات المجحفة بحق من أعيد إلى عمله ممرضاتٌ في وحدة العناية بالقلب، اللواتي تم تحويلهن بعد إرجاعهن إلى العمل إلى دار العجزة والطب النفسي ووحدة غسل الكلى. وهناك العديد من العاملين في المجال الطبي تم الخصم من رواتبهم بما يتجاوز النصف دون أسباب معروفة.
حالةٌ أخرى تتصل بمديرة مدرسة تم تحويلها لشغل وظيفة كتابية وأعطيت طاولة في مكتبة عامة لتداوم هناك، بالإضافة إلى تهميش العديد من الموظفين في المؤسسات الحكومية بحيث يتم تجريدهم من مسئولياتهم السابقة أو تحويلهم إلى مناصب أقل.
إن تعطيل مثل هذه الكفاءات بدافع الانتقام لا يضر فقط بمن اتخذ بحقه مثل هذه الإجراءات وإنّما يضر بجميع المواطنين بشكل عام، فعندما يتم تهميش الكفاءات وإحلال موظفين أقل قدرةً وكفاءةً وخبرةً وعلماً، فإن ذلك سينعكس على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين سواءً كان ذلك في الخدمات الطبية أو التعليمية أو غيرها.
صحيفة الوسط البحرينية – 31 يناير 2012م