في كل يوم تتكشف أوجه إعاقة جديدة لإعادة المفصولين من أعمالهم إلى وظائفهم السابقة، ونجد جهات العمل الحكومية والخاصة تتفنن في اختراع الأسباب التي تعيق إنجاز هذه المهمة على الوجه المناسب.
فتارةً نسمع أن من فصلوا كانوا حديثي التوظيف في وظائفهم ولم يُكملوا مدة الاختبار اللازمة لاعتبارهم موظفين دائمين، وأن فصلهم جرى لاعتبارات مهنية ولا علاقة له بالمشاركة في الأحداث التي جرت، رغم أن خطابات الفصل التي وجهت إليهم تتضمن إشارات واضحة إلى أن هذا الفصل تم بناء على السبب الثاني، ناهيك عن توقيت الفصل والصورة الجماعية التي اتخذها.
وتارة أخرى نسمع أن الفصل تم بناء على أسباب وظيفية أو مهنية، بسبب عدم كفاءة أو إهمال من طالهم الإجراء، وهذا أمر مكشوف في زيفه، فهاهنا أيضاً تم الفصل أو التوقيف بصورة جماعية، وطال موظفين وعاملين مضت عليهم سنوات طويلة على رأس أعمالهم، وهم يؤدونها بكفاءة. وفي تارة ثالثة نجد بعض جهات العمل الحكومية والخاصة، على حدٍ سواء، وكذلك بعض المؤسسات التعليمية، كالبوليتكنيك، تتذرع في معرض رفضها أو تلكؤها لإعادة المفصولين من أعمالهم أو دراستهم فيها، بأن السبب يعود لوجود قضايا عليهم في النيابة العامة، ولا يمكن، حسب هذه المؤسسات، إعادة هؤلاء إلا بعد أن يبت القضاء في القضايا المرفوعة ضدهم.
لكن بقليلٍ من النقاش سوف نكتشف هشاشة هذه الذريعة، فالغالبية الساحقة من القضايا التي أحيلت للنيابة تندرج فيما صنفه تقرير بسيوني بالحق في ممارسة حرية الرأي والتعبير، وسبق للنائب العام أن أعلن عن إسقاط هذه التهم جميعها، موضحاً في بيانه أن أكثر من 300 شخص استفادوا من هذا الإجراء، الذي اتخذ إعمالاً لإحدى توصيات تقرير بسيوني ذاته، ورغم هذا الإعلان مازالت الجهات المذكورة مصرة على عدم إعادة هؤلاء إلى أعمالهم.
هذا أولاً، وثانياً فان الكثير من القضايا حفظتها النيابة، وبالتالي باتت في حكم المنتهية، وهذا ما عرفه الكثير من المفصولين أو الموقوفين الذين راجعوا النيابة لمعرفة طبيعة التهم المنسوبة إليهم ومصيرها، فقيل لهم بأنها حفظت، ورغم هذا التوضيح البات ما زالت جهات العمل أو التدريس المذكورة تتلكأ في إعادة المفصولين.
وثالثاً فان الكثيرين تعرضوا للتحقيق في مراكز الشرطة، وقيل لهم بأن قضاياهم سترفع للنيابة، ومع ذلك فانها لم ترفع، لأنهم عند مراجعتهم للنيابة أُفيدوا بأنه لا توجد في سجلات النيابة أية قضايا ضدهم، وفي هذه الحال أيضاً تزعم جهات العمل بأن لديها إفادات بأنها تلقت معلومات بإحالة هؤلاء للنيابة مما يحول دون عودتهم لأعمالهم.
هذه الذرائع، كونها لا تستند على واقع قانوني، يجب أن تسقط، ولا نعرف ما هو الإجراء المطلوب من النيابة في مثل هذه الحالات، لكننا نرى وجاهة أن تعلن النيابة العامة في بيان واضح قاطع أسماء من شملهم إسقاط التهم المندرجة في نطاق حرية الرأي والتعبير، وكذلك القضايا المحفوظة، وأن تزود من يراجعوها، على وجه السرعة، بإفادات تفيد أنه لا قضايا ضدهم في النيابة، لكي لا تظل جهات العمل تلك تتذرع بالأمر.