اقرَّ مجلس الشورى منذ يومين المرسوم بقانون الخاص بإنشاء صندوق وطني لتعويض المتضررين. وفي وقت سابق كان مجلس النواب قد وافق، هو الآخر، على المرسوم.
ينص المرسوم بقانون على أنه يُنشأ صندوق يسمى (الصندوق الوطني لتعويض المتضررين) يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، يختص بالمساعدة في توفير تعويضات فعالة للمتضررين المنتفعين بأحكامه إعمالاً للمبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والصادر بها قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2005.
وحدد المرسوم الأشخاص الذين يجوز لهم اللجوء إلى الصندوق للمساعدة في الحصول على التعويض نتيجة للأحداث العنيفة التي وقعت خلال شهري فبراير ومارس العام 2011 أو نتيجة لحوادث عنيفة مماثلة من ذات الطبيعة حدثت بعد هذا التاريخ بأنهم الفئات الآتية: أي شخص أصيب بأضرار مادية أو معنوية أو جسدية بسبب قوات الأمن العام أو الموظفين العموميين، وأي فرد من أفراد قوات الأمن العام أو أي موظف عام أصابته أضرار مادية أو معنوية أو جسدية أثناء أو بسبب تأديته لوظيفته وتسبب فيها أي من الأشخاص، بالإضافة إلى أي شخص آخر لحقته أضرار مادية أو معنوية أو جسدية بسبب تلك الأحداث أو بسبب تدخله لمساعدة المجني عليهم المذكورين.
وبيَّن المرسوم بقانون أن «فئات المتضررين المذكورين في البنود السابقة تشمل المجني عليهم، وكذا أقاربهم حتى الدرجة الرابعة أو من يعولونهم، ولا يجوز لغير تلك الفئات اللجوء إلى الصندوق بطلب التعويض»، مشترطة لصرف المساعدة للتعويض صدور حكم جنائي نهائي من المحكمة المختصة بإدانة مرتكب الفعل. فيما قالت المادة الرابعة إنه «لا تخلُّ الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون بحقوق المتضررين في التعويض طبقاً للقواعد العامة المقررة في القوانين السارية».
في هذا السياق نذكر أن اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وهي تطالب في الفقرة 1679 من توصياتها العامة بوجوب تعويض عائلات الضحايا المتوفين بما يتلاءم مع جسامة الضرر، وبتعويض كل ضحايا التعذيب وسوء المعاملة والحبس الانفرادي، رحبت بهذا المرسوم، وذلك قبل إحالته لمجلسي النواب والشورى اللذين أقراه على نحو ما أشرنا أعلاه.
يتعين النظر إلى هذا المرسوم على أنه خطوة ايجابية في طريق المصالحة الوطنية التي ننشدها، ونرى أنها تتطلب حزمةً من الإجراءات، هي جوهر التوصيات التي نص عليها تقرير بسيوني، التي إذا طُبقت بحذافيرها، فإنها ستشكل قاطرة حقيقية نحو الحل. وسأعيد هنا طرح وجهة نظري التي تقدمت بها في اجتماعات اللجنة المعنية بمتابعة تنفيذ توصيات التقرير حول هذه النقطة تحديداً، وهي أن اشتراط المرسوم لصرف المساعدة للتعويض صدور حكم جنائي نهائي من المحكمة المختصة بإدانة مرتكب الفعل، يعني أننا سندخل في دوامة طويلة من الإجراءات التي قد تؤدي إلى إعاقة تحقيق الغاية المنشودة من المرسوم.
إن المسألة التي نحن بصددها هي مسألة تعالج سياسياً فقط، رغم ما يبدو من ظاهرها أنها قضية قانونية أو حقوقية، ولذا فإننا نتطلع إلى مبادرة سياسية شاملة تنهي هذا الملف باتجاه المصالحة الوطنية.