بعد السنين المديدة المنطويـة صفحاتها وفي ظل الظروف الراهنة والمشهد السياسي المروع أتذكر ” حنين “، حنين فـيلم بحريني أبحر بـنا إلى منتصف المحيـط وأوقف دفـة السفينة لتحدد البـوصلة اتجاهاتها لـنرجع إلى الشاطئ مرة أخرى.
في ميـناء النـية والصفاء التقينا حتى نصل إلى ميناء الفـرحة العارمة لرجوع جميع السفن إلى شاطئ الآمان ، الجـميـع كان ينتظر ردود فعل رجال السياسة لأوضاع البـلد في الفترة الحالية و الارتباكات التي وقعت، اعـلم أن كل ردة فعـل لكل رجل سياسي كانت مدروسة ودقيقة بحكم أن هذه الأوضاع لا تقـبل الخطأ مطلقاً وحساسة للغاية.
وأما عن رجـال الفـن والإبداع يخطفنا الرفـيق المخرج ” حسين الحليبي ” و رفقائه في العمل من منتصف المحيـط وأصبحوا القباطنة الشجعان الذيـن أنقذوا السـفن التي لم تـعرف طريقـها للرجوع ، السـفن التي كانـت مختلفـة الوجوه و متنوعة الركاب .
أشار العمل إلى الجوانب المهمة لتاريخ البحريـن والأحداث التي مرت فيـها من قمع واستبداد، إضافة إلــى القـضية الأولى في الفـيلم ألا وهي ” الطائفيـة ” وكيف تدب هذه الحيـة السامـة بين هذا الشـعب المسالم والطيب.
هذا كان في السـابق ولكن المشـهد السياسي الحالي يعيدنا إلى نفس التفاصـيل والأسباب المؤدية للطائفيـة وكان على الشعب البحريني حتى يعـم الهدوء والسكينة فيـه هو فقـط الرجوع إلى التاريخ ومجرياته ويـرى بنفسـه انه وقع في ذات الحفرة العميقة التي وقع فيـها اليوم .
قليلاً من الثقافة عن تاريخ البحرين و قليلا من النضج والعقل وقليلاً من التأني وقليلاً من ” الحنين ” نـرى الأيدي تلاصقت في بعضها البعض ونسير جميعاً في مسـار واحد بالرغم من اختلافاتنا ، وهكذا نرى الحل أمامنا في إمداد يدنا ليد الآخر ، الحنين جاء مسرعاً ينقذ ما حطمه الحقد والبغضاء والتنافر وجاء يلملم جراح الماضي والحاضر وحنين لا يـريد أن يصل في المستقبل مرة أخرى ويرى هذا المشهد بل يريد أن يكون في كل بيت وقرية ومدينة ..ويبقى دوماً “حنين” في الذاكرة الحية ليوحد الصفوف ..
رسـالة:
هذا الفـيلم الذي وضع يديه على موضع الجرح بكل حب وسـلام ، ليقـدم للبحرين ولشعبها حباً متبادلاً و دفء انقـطع في هذه الفتـرة ، عكس الدور الكبير الذي قام به الإعلاميين الوطنيين في ضـم البـحرين ضـمة واحـدة تجمع الجميـع ، وبدلا من تكريمهم نجدهم يفصلون من أعمـالهم حتى يكونون خارج هذه الضـمة الحنونة.
للأسف وطـني يدفن تلك المواهـب و العقـول النيرة للحاضر و مستقبل البحرين، وطن أصبح بلا إبداع شبابها الوطنيون، يعني وطناً بصورة باهتة من غير ألوان، صورة يغطيها السـواد.
” مثلما ” عـملوا على حـنين، فليـعمل الجميع لإرجاع أصحاب حنين إلى أماكنهم، ففي إبداعهم كنزاً يشـع نوراً من الوحدة واللحمة والعطاء..
إذن كــيف يوحد الفن ما فرقته السياسة، و أصحاب سفن المحـبة تائهة لا تعـرف كيف تصـل إلى الميناء مع ركابها !