المنشور

استحقاق إلغاء القوانين المقيّدة للحريات


يمثّل إلغاء القوانين المقيّدة للحريات والحقوق الديمقراطية والمتعارضة مع الدستور واحدا من أهم استحقاقات الإصلاح السياسي التي يفترض أن تكون مدار الاهتمام في المعركة الانتخابية الجارية؛ إذا كنا نريد حقًّا اتباع نهج جديد في حياتنا السياسية.

فهناك قائمة طويلة من القوانين والمراسيم بقوانين المتعارضة مع المبادئ الديمقراطية والمخالفة صراحة لروح الدستور ونصوصه، التي تمكّن الطرف السلطوي طوال العقود الخمسة الماضية من تمريرها بالاستناد إلى الغالبية النيابية الموالية في المجالس المتعاقبة؛ أو استطاع فرضها منفردا كمراسيم بقوانين عبر سلطة الأمر الواقع خلال فترتي الانقلابين على الدستور الأولى من 1976 إلى 1981 والثانية من 1986 إلى 1992.

ذلك أنّه على خلاف ما تقرّه المبادئ الديمقراطية من حريات وحقوق أساسية كفلها الدستور وأحال أمر تنظيمها إلى القوانين، جاءت تلك القوانين والمراسيم بقوانين المعيبة لتصادر الحريات العامة وتنتقص من الحقوق الديمقراطية، وهذه بعض الأمثلة الصارخة عليها:

القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام الذي يفرض وصاية حكومية على إشهار مؤسسات المجتمع المدني ونشاطها… والقانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل قانون الجزاء الذي فرض قيودا غير مقبولة على حرية التجمعات، وجرّم نشر المبادئ والأفكار، وتوسع في تجريم حالات التعبير عن الرأي… والقانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية الذي انتقص من حقّ الأفراد ذوي الشأن من اللجوء مباشرة إلى القضاء الدستوري للطعن في القوانين واللوائح المتعارضة مع الدستور… والمرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات، الذي سبق أن قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية أحكامه ومواده المتصلة بالاجتماعات العامة، فيما لا يزال معمولا بالأحكام والمواد المقيّدة لحرية التجمعات… والمرسوم بقانون رقم 20 لسنة 1981 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية الذي عطّل حقّ التقاضي المكفول دستوريا، وحصّن القرارات الحكومية في مسائل الجنسية الكويتية والإقامة وتراخيص الصحف ودور العبادة؛ مهما كانت جائرة، واستثناها من ولاية القضاء الإداري.

  وبعيدا عن أي مبالغة أو تهويل فإنّ هذه القوانين والمراسيم بقوانين تكبّل الحريات العامة وتنتقص من الحقوق الديمقراطية، وبالتالي فإن إلغاءها يمثّل استحقاقا أساسيا من استحقاقات الإصلاح السياسي، بحيث يفترض أن تشرّع بدلا منها قوانين ديمقراطية تنظم ممارسة الحريات والحقوق لا أن تصادرها أو تفرض قيودا ثقيلة عليها.
وهذا ما يتطلّب طرح هذا الاستحقاق خلال المعركة الانتخابية الدائرة، وذلك ليكون ضمن خطوات الإصلاح السياسي المفترض أن تُدرج على أجندة مجلس الأمة المقبل… وفي مقالي اللاحق سأتناول خطوات أخرى مستحقة للإصلاح السياسي، فللحديث صلة عن الخطاب الانتخابي وقضاياه.

عالم اليوم  
8 يناير 2012