تقدم الباحث التربوي فاضل حبيب، وهو، والحق يُقال، من أفضل الباحثين البحرينيين في شؤون التربية والتعليم بورقة بعنوان: “المدارس الصديقة لحقوق الإنسان”، انطلق فيها من توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، خاصة في الفقرات المتصلة بالفهم الأفضل لاحترام حقوق الإنسان بما في ذلك احترام التنوع العرقي، وبوضع برامج تعليمية وتربوية في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية لتشجيع التسامح الديني والسياسي والأشكال الأخرى من التسامح، علاوة على تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون، ويستهدف المشروع الهيئتين الإدارية والتعليمية بجميع مدارس مملكة البحرين، الحكومية والخاصة، وكذلك الطلاب والطالبات.
ويتمثَّل مشروع فاضل حبيب في تعزيز مضامين حقوق الإنسان في الميدان التربوي ضمن فضاء حُرٍّ تفاعلي لنشر الثقافة الديمقراطية في جميع المراحل التعليمية، وغرس الثقافة العالمية لحقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية ودعم البرنامج العالمي للتربية على حقوق الإنسان في جهوده لإدماج التربية على هذا البرنامج في أنشطة المدارس الأساسية والثانوية، وكذلك دعم توجُّه وزارة التربية والتعليم والذي يؤكد على تكوين المتعلِّم تكويناً وطنياً وعلمياً ومهنياً وثقافياً ، و” تنمية الوعي بمبادئ حقوق الإنسان وتضمينها في المناهج التعليمية ” كما نصَّ على ذلك قانون التعليم في مملكة البحرين 2005.
ويدرك الباحث أن هناك ركائز يتعين أن يقوم عليها المشروع، من دونها تصبح التربية على حقوق الإنسان مسألة عبثية ليس من شأنها أن تغير شيئاً على مستوى الميدان التربوي، ومن باب المثال لا الحصر فانه يتوقف، بشكلٍ أساسي، أمام دور الإدارة المدرسية التي لا بد أن تكون ديمقراطية، بحيث تشجِّع على فرص العمل الجماعي (التعلُّم التعاوني)، وإتاحة فرص التعبير الحر عن الآراء، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في الترقيات والحوافز، وفتح الباب أمام الجميع في اتخاذ القرارات، وتعزيز العلاقات الإنسانية، وتنمية الاتجاهات السليمة، القائمة على الثقة والاحترام بين الجميع.
كما يدعو إلى إعداد أفراد هيئة التدريس على ثقافة حقوق الإنسان، بحيث تكون لديهم الدافعية نحو جعل الفضاء المدرسي موئلاً لتنمية الوعي بهذه المبادئ، ويُعول أيضاً على دور مجالس الطلبة التي يعتبرها بمثابة البرلمان الذي يتعلم منه التلاميذ كيفية الترشُّح والانتخاب، وكذلك آداب التسامح والحوار والنقاش والنقد البنَّاء وقبول الآخر، وكيفية الدفاع عن حقوقهم وحل خلافاتهم بصورة ديمقراطية وإيجابية..
والأمر نفسه يصح على دور الإعلام المدرسي في إرساء دعائم الديمقراطية، كونه من أدوات التعبير الحُرِّ عن الآراء والمشكلات من خلال الصحافة ومجلات الحائط والإذاعة المدرسية، وتوظيف وسائط التواصل المختلفة بقصد تشجيع المدرسة علـى مواكبة المستجدات التي تطرأ في حقول المعرفة.
ولن يتحقق ذلك إلا من خلال النهوض بالمناهج الدراسية وتطويرها، من خلال تضمين هذه المناهج للمواد والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية السيداو.
ويضع فاضل حبيب خطة تنفيذية لمشروعه الذي أوجزنا أعلاه محتوياته الجديرة بالاهتمام من قبل القائمين على الشأن التربوي لتكييف العملية التربوية والتعليمية وفق أهداف التنشئة الديمقراطية، وبما يساعد على إرساء أسس المصالحة الوطنية والتعايش الخلاق في مجتمع متعدد الانتماءات مثل مجتمعنا.