لست من الذين يعرف اليأس طريقاً إلى نفوسهم، أو أن يرى الخطر محدقاً بالوطن وأهله ويتجاهله، أو أن يرى الاصطفاف والتخندق المذهبي أصبح واقعاً ملموساً ويسكت عنه، لذلك قررت أن أستجمع كل ما أملك من قوة وعزيمة لمواجهة الفتن والتخندق والتشرذم المذهبي والطائفي، الذي أصبحت سمة القول والفعل بين مكونات الشعب البحريني.
وما دعاني إلى كتابة هذا التقديم هو أن هناك عدداً من الإخوة السنة سامحهم الله طالبوني بألا أمسك العصا من الوسط وأن أقوم بالاصطفاف مع المصطفين والتخندق مع المتخندقين! فكان جوابي لهم واضحاً «أنا فعلاً متخندق ولكن مع البحرين وأهلها قلباً وقالباً والبحرين لا تقبل القسمة على اثنين»!.
لقد تبين لي وبعد البحث والتقصي في القرى والفرجان والمجالس والتجمعات، أن الناس وصلوا إلى مرحلة التعصب الأعمى فبمجرد أن تنتقد خطيباً أو كاتباً أو قائداً سياسيّاً من هذه الطائفة أوتلك بشأن خطأ ما ارتكبه بحق الوطن، تنبري له وبكل تعصب الجماعة المذهبية التي ينتمي إليها الخطيب أو الكاتب أو السياسي بالدفاع عنه إلى حد الاستماتة العمياء، يصل الى حد الإسفاف فكل ما يقوله وبكل علله موضع ترحيب من قبل جماعته!
لقد وصل الأمر من بعض الخطباء والوعاظ والكتاب الصحافيين والقادة السياسيين إلى حد توزيع الاتهامات وتحديد وتعريف من هو الخائن ومن هو الشريف ومن هو الوطني، ومن هو الكافر ومن هو… وأوقعوا البلاد والعباد في دوامة الحوارات المذهبية التي تبتعد عن الأصول والقطعيات التي توحدنا في الدين وتركز على الفروع والفتاوى غير المسئولة!
إن تقرير لجنة تقصي الحقائق المستقلة (بسيوني) لم تخون أية جمعية أو شخصية في مملكة البحرين ولم تجد من الأدلة ما يثبت أن أيّاً من الفرقاء السياسيين قد استقوى بالخارج وحتى دعوة النظام الرسمي في البحرين لقوات درع الجزيرة وجدته لجنة تقصي الحقائق فعل اًجاء ضمن اتفاقيات دفاعية مبرمة بين دول مجلس التعاون الخليجي، إذن ماذا تريد هذه المجاميع والشخصيات والتي كانت قبل 14 فبراير/ شباط 2011 تعيش على هامش المجتمع وغير مرحب بها من قبل المجتمع البحريني، والآن بقدرة قادر أصبحت تتصدر الأحداث والفضائيات وتصول وتجول بخطبها ومقابلاتها التلفزيونية وكتاباتها الصحافية التي تنفث من خلالها السموم بين جنبات المجتمع البحريني وتزرع الفتنة بين مكوناته!! والأمر المؤسف أن كثيراً من الناس في البحرين قد انطلت عليهم أفكار وأجندات هؤلاء المأجورين وذلك بسبب عمليات غسل الدماغ الممنهجة التي اتبعها هؤلاء الخطباء والقادة السياسيون والكتاب الصحافيون وكذلك صيحات التخويف من المجهول التي يطلقونها أينما تواجدوا لذلك اذا عرفت السبب بطل العجب كما يقال!
ومن هنا أطالب الناس في البحرين بأن يفيقوا من سباتهم ويعرفوا الحقيقة المرة عن أجندات هؤلاء المحرضين المأجورين والمأزومين ومن يقف وراءهم ويدفع لهم المال وييسر لهم السبل والذين سيضعهم المجتمع البحريني قريباً فوق الأرفف أو يرمي بهم إلى مزبلة التاريخ، إن الخفافيش تعيش وتتحرك تحت جنح الظلام وتقتات على الدماء وتنشر الفوضى والرعب في المواقع التي تحط فيها، وهكذا هو حال المحرضين الذين يستقون منهم، فهم يعيشون ويقتاتون على الفتن والصراعات والمشاكل، فهذا هو ميدانهم الذي يلعبون فيه ويكسبون من ورائه الأموال والعطايا وتسلط عليهم الأضواء وتصفق لهم الأكف وتصدح الحناجر بحياتهم وتشجعهم على المزيد من التحريض والتشهير والتخوين والتخندق.
إن البحرين التي صوت السنة والشيعة مجتمعين لعروبتها واستقلالها في مطلع السبعينات، تدعو أهلها الشرفاء الطيبين الذين كانوا ولايزالون وسيبقون مثالاً يحتذى به في الأخوة والتسامح والمحبة، ألا يدعوا خفافيش الظلام يعيثون في البحرين فساداً ويضربونه اللحمة الوطنية والسلم الأهلي في مقتل… فمن يرفع الشراع؟
صحيفة الوسط البحرينية – 05 يناير 2012م
الكاتب: عيسى سيار
كاتب بحريني