المنشور

مواقع الجمعيات السياسية ونشراتها


خطوة ايجابية قامت بها هيئة شؤون الإعلام أمس الأول بإعادة فتح المواقع الاليكترونية المحجوبة لعددٍ من الجمعيات السياسية المسجلة، ونحن ننظر إلى هذا الإجراء على أنه تصحيح لخطأ وقع حين تم حجب هذه المواقع بقرارات إدارية ودون العودة إلى القضاء، والقرار خطوة لتوسيع حرية التعبير، وتمكين القوى المعارضة من طرح وجهات النظر البناءة، من موقع نقدي، من أجل تعزيز أفكار المشاركة السياسية، ومنح جميع الأفكار والآراء حقها في أن تكون تحت ضوء الشمس بما يثري التجربة السياسية في البلاد، ويوسع نطاق الشفافية.
 
وهذه الخطوة الايجابية بحاجة لاستكمال بأن تعيد هيئة شؤون الإعلام النظر في قرار آخر سيق لها أن اتخذته بسحب تراخيص أربع جمعيات سياسية هي المنبر التقدمي ووعد والوفاق والعمل الإسلامي، وهو إجراء لا علاقة له بالأحداث التي اندلعت في البحرين بدءاً من منتصف فبراير الماضي، ذلك أن تاريخ هذا القرار يعود إلى شهر سبتمبر من العام قبل الماضي، 2010.
 
وقد قلنا في حينه أنه لا يمكن النظر إلى هذا الإجراء إلا بوصفه تراجعاً عن أمر متحقق، جاء كثمرة من ثمرات التحولات السياسية في البلاد، التي وسعت من نطاق حرية التعبير من خلال قنوات مختلفة، بينها النشرات الناطقة باسم الجمعيات الفاعلة في المشهد السياسي، والقول إن النشرات المذكورة خرجت عن نطاق التصريح الممنوح للجمعيات التي تنطق باسمها، بحاجة إلى مراجعة لا من وجهة نظر التقيد الحرفي بمحتوى هذا الترخيص، وإنما من زاوية ضرورة الارتقاء بالتشريعات لتواكب الحراك السياسي في البلاد.
 
ونحن هنا نتحدث عن نشرات تنطق باسم جمعيات تتحلى بالرشد السياسي في إدارة خطابها، انطلاقاً من ثوابت العملية الإصلاحية في البلاد، ومن منطلق الحرص على الحفاظ عليها وتطويرها، وهذا ما عكسته إلى حدود بعيدة النشرات التي طالها قرار سحب الترخيص.
 
فالجمعيات التي تصدر هذه النشرات تعمل بموجب القانون، وهي حريصة على التقيد بأحكامه، وجوهر قانون الجمعيات السياسية يقر بالطبيعة الحزبية لهذه الجمعيات، بصفتها مظهراً من مظاهر التنظيم السياسي في المجتمع وتطلعات فئات واسعة من المواطنين، تجد في هذه الجمعيات السياسية معبراً عن تطلعاتها وأهدافها.
 
والعمل الحزبي الذي يضمنه قانون الجمعيات السياسية، لا يمكن أن يستقيم بدون قنوات تواصل مع الجمهور لطرح آراء هذه الجمعيات ومواقفها ورؤيتها حول أوضاع البلد في مختلف المجالات، وفي مقدمة هذه القنوات تأتي الصحافة الحزبية، لذا فان المطالبة بأن تقتصر الجمعيات السياسية على نشرات إخبارية توزع على الأعضاء فقط يخل بشروط العمل الحزبي المتعارف عليها، ولنا في هذا المجال أن نقتدي بتجربة بلد عربي فيه الكثير من أوجه الشبه مع تجربتنا السياسية وهو الأردن.
 
وحتى يتحقق تطوير التشريعات الضامنة لحق القوى السياسية في أن تكون لها منابرها الإعلامية ليس مطلوباً مصادرة ما أنجزه المجتمع من حريات، وإنما توفير متطلبات حمايته، ومن هنا تنبع دعوتنا إلى معالي رئيس هيئة شؤون الإعلام وكافـــة الجهات المعنية في الدولة باستتباع قرار فتح المواقع الاليكترونية، بقرار آخر تعود بموجبه نشرات الجمعيات السياسية للصدور.