لا نحمل على محمل الجد التبريرات التي ساقتها وزارة التنمية الاجتماعية لتعطيل الانتخابات المستحقة في جمعية المحامين أولاً، وثانياً في رفض الاعتراف بنتائج الانتخابات التي جرت، ونتج عنها مجلس إدارة جديد يمتلك كل مقومات الشرعية، وإصرار الوزارة على إعادة تعيين مجلس الإدارة السابق المنتهية ولايته، لا ينظر إليه إلا من باب المكابرة في التسليم بواقع صحيح أنشأته هذه الانتخابات التي سعت الوزارة لإعاقتها.
المحامي والنقيب السابق للمحامين عباس هلال قال في تصريح صحافي له إن وزارة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية هي التي انسحبت من الجمعية العمومية في 8 أكتوبر لخطأ بسيط في عضوية 3 من منتسبي الجمعية، ووضعت شروطا تعجيزية وغير لازمة في تأكيد العضوية، وقرارها في طياته يحمل بطلاناً. وأشار هلال إلى «أن قرار الوزارة سالف الذكر يستند إلى النصوص التعسفية في قانون الجمعيات، والتي أقر بها وزير العمل السابق عبدالنبي الشعلة، حين ذكر في بداية المشروع الإصلاحي أن هذا القانون أصبح ميتاً»، كما أن مجلس الادارة المنتهية ولايته والذي أعلنت الوزارة عن إعادة تعيينه رفض هو نفسه وبأغلبية كبيرة من أعضائه هذا التعيين، معبراً عن دعمه لمجلس الإدارة الجديد، ومتمسكاً بصحة الانتخابات التي جرت وبنتائجها.
موقف وزارة التنمية الاجتماعية من موضوع جمعية المحامين يعيد إلى الأذهان مواقف كثيرة اتخذتها الوزارة في علاقتها مع مؤسسات المجتمع المدني، بينها تعطيل اشهار الاتحاد النسائي البحريني لفترة طويلة، ثم النزاع الذي خاضته الوزارة مع جمعية الممرضين ومع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، وهي مواقف لا تدعم فكرة الشراكة بين الدولة والمجتمع على قاعدة احترام استقلالية مؤسسات المجتمع المدني التي تشكلت بإرادة أعضائها وتكرست مكانتها وسمعتها داخل البحرين وخارجها انطلاقاً من واقع هذه الاستقلالية ذاتها، وهي نفسها الاستقلالية التي يؤخذ على الوزارة محاولاتها المساس بها، بما قد يفسر على أنه رغبة منها في احتواء مؤسسات المجتمع المدني.
وبالنسبة لجمعية المحامين نحن إزاء واحدة من أعرق وأهم الجمعيات ذات التاريخ المهني والحقوقي المشرف، والسمعة الطيبة في المحافل الحقوقية والقانونية العربية والدولية، وليس من مصلحة سجل البحرين في مجال حرية التعبير والتنظيم أن تقحم الوزارة نفسها في هذا السجال الذي لا مبرر له، والذي لا يستقيم مع ما استقرت عليه المجتمعات المتقدمة من ضمان استقلالية مؤسسات المجتمع المدني، ومن تصاعد الدعوات لاحترام هذه الاستقلالية وصونها.
وكما في كل مرة نواجه فيها بقضية مشابهة فان الأنظار تتجه الى القانون الذي ينظم عمل مؤسسات المجتمع المدني، حيث تجري المطالبات بأن تُلغى النصوص المقيدة لحرية واستقلالية مؤسسات المجتمع المدني، وخاصة منها تلك التي تنص على الرقابة الإدارية للوزارة، والاكتفاء بالرقابة القضائية اللاحقة وبالإيداع عند التأسيس.
لم يفت الوقت بعد لكي تصحح الوزارة الوضع الخاطئ الذي نشأ في علاقتها مع جمعية المحامين، وتجتمع مع مجلس الادارة المنتخب في المؤتمر الأخير، بما يرسي لأسلوب عمل جديد في العلاقة لا مع هذه الجمعية لوحدها، وإنما مع كافة مؤسسات المجتمع المدني في البلد.