من المفارقات المضحكة والمبكية في الوقت نفسه أن اثنين من أعضاء اللجنة الوطنية لتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق هما من المفصولين أو الموقوفين عن العمل في حين أن أهم توصية ملحة خرجت بها لجنة تقصي الحقائق هي إرجاع المفصولين إلى أعمالهم والطلبة إلى مقاعدهم الدراسية وبشكل فوري.
العضوان هما الأستاذ الجامعي والأمين العام السابق للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي والعضو الآخر هو الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي حسن مدن الذي أوقف عن عمله في وزارة الثقافة.
لجنة تقصي الحقائق أوصت «بتكوين لجنة وطنية مستقلة ومحايدة تضم شخصيات مرموقة من حكومة البحرين والجمعيات السياسية والمجتمع المدني لمتابعة وتنفيذ توصيات اللجنة على أن تعيد اللجنة النظر في القوانين والإجراءات التي طبقت في أعقاب أحداث شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار بهدف وضع توصيات للمشرع للقيام بالتعديلات الملائمة للقوانين القادمة ووضع تشريعات جديدة».
هذه اللجنة تم تشكيلها بمرسوم ملكي، حيث اختار جلالة الملك أعضاءها وفقاً لما يتمتعون به من مكانة سياسية واجتماعية لتحظى بالصدقية والقبول من مختلف فئات المجتمع وقواه السياسية، وبحسب عدد من أعضاء اللجنة فإن جلالة الملك طمأنهم بأنه «يريد لهذه اللجنة أن تكون جسرا نحو تنفيذ توصيات تقرير لجنة بسيوني ومدخلا لحل سياسي يعيد الأوضاع في البحرين إلى طبيعتها ويحقق التوصيات التي نص عليها التقرير».
مثل هذه المفارقة لا يمكن أن تحدث إلا في البحرين، فليس هناك من دولة تقصي أهم الكوادر الوطنية لديها من أطباء وممرضين وأساتذة جامعيين ومدرسين بسبب آرائهم السياسية مع أنها تعاني نقصا حادا في هذه التخصصات.
ومع أن جميع المنظمات الحقوقية والعمالية طالبت البحرين بالرجوع عن قرارات الفصل ورغم صدور توجيهات عليا ومن جلالة الملك شخصيا بإعادة المفصولين إلى أعمالهم، فإن المسئولين في الوزارات وديوان الخدمة المدنية وعدد من الشركات سواء الحكومية أو الخاصة يرفضون تنفيذ هذه التوجيهات.
لا أحد يعرف بالضبط من الذي يعطل إرجاع المفصولين إلى أعمالهم، ولكن من يفعل ذلك يتعمد وضع العراقيل لتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق التي تعهدت البحرين أمام العالم أجمع بتنفيذها.
من المفترض أن يكون تقرير لجنة تقصي الحقائق بداية الطريق للخروج من المأزق الذي تعيشه البحرين ومدخلا لمصالحة وطنية ولكن لن يحدث ذلك إلا حين يقتنع الجميع بأهمية ذلك
صحيفة الوسط البحرينية – 16 ديسمبر 2011م