فجأة تغير موقف البعض من تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فبعدما كان قبل صدور التقرير يدعو إلى القبول بكل ما سيأتي به التقرير وعدم تجزئته، أصبح الآن يطلق عليه وعلى رئيس اللجنة محمود بسيوني جميع الأوصاف التي كان يطلقها على وسائل الإعلام الأجنبية ومنظمات حقوق الإنسان والنقابات العمالية وحتى الدول الأجنبية التي كانت تنادي بأهمية الحوار وتجنب الحل الأمني للخروج من الأزمة في البحرين.
فحتى اللجنة التي شكلت بأمر ملكي وتلقت مخصصاتها وتكاليف عملها من الحكومة البحرينية وضمت خبراء قانونيين مشهوداً لهم بالكفاءة والصدقية، تتهم الآن بالتحيز وعدم الصدقية والرضوخ والتأثر بالتغطيات الإعلامية لوسائل الإعلام الأجنبية!
لقد مكث أعضاء اللجنة في البحرين لأكثر من خمسة أشهر وعايشوا الظروف التي تلت أحداث شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011، واستمعت خلال هذه الفترة لآلاف الشهادات واجتمعت مع جميع الأطراف بما فيها الجهات الرسمية والقوى السياسية سواء المعارضة منها أو الموالية، وزارت المسجونين والمناطق والقرى التي جرت فيها الأحداث… ولذلك فإن التشكيك في النتائج التي توصلت إليها لا يعدو كونه إنكاراً للحق والتمسك بالمواقف المسبقة والتمادي في الخطأ. بالطبع من حق الجميع التحفظ على بعض النقاط التي جاءت في التقرير، ولكن ليس من المنطق رفض جميع ما خلص إليه أو القول إن مجمل التقرير شابه القصور والسلبيات، أو إنه برأ الجاني وأدان البريء!
ليس من المقبول الآن التنصل من الاستحقاقات أو التلاعب بالتوصيات التي خرجت بها اللجنة، بل إن ما يجب فعله هو استثمار التقرير في الخروج من الأزمة الحالية من دون النظر إلى من هو الرابح أو الخاسر من تنفيذ التوصيات، وإنما النظر إلى مصلحة البحرين ككل.
وتبقى مسألة تشكيل اللجنة الوطنية لتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق الأهم في هذه الفترة، فهذه اللجنة منوط بها متابعة جميع التوصيات اللاحقة ووضع جدول زمني لذلك، ولا يمكن للجنة أن تقوم بهذا العمل إلا إذا كانت مشكلة من شخصيات وطنية ذات صدقية عالية وتحظى بالثقة والأمانة على مستقبل الوطن
صحيفة الوسط البحرينية – 29 نوفمبر 2011م