إن كان ما يطرحه البعض من أهمية إعادة اللحمة الوطنية وحل المشكل الطائفي نابعاً من قناعة أكيدة لديه بأن المستقبل المشرق للبحرين لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال وحدة جميع مكونات الشعب البحريني؛ فإن من المنطق أن يدافع هذا البعض عن جميع الخطوات التصحيحية، وألا يقف حجر عثرة أمام أي حلول أو خطوات تتخذها السلطة التنفيذية في سبيل حلحلة الأزمة الراهنة التي يمر بها الوطن.
من الغريب أن يقف من ينادي بالوحدة الوطنية ضد مساعي إرجاع المفصولين إلى أعمالهم، أو إعادة محاكمة الكادر الطبي أو إجراء حوار مع القوى المعارضة، ويروّج إلى أن السلطة التنفيذية بدأت بالتراجع بسبب الضغوط الخارجية وهي بذلك تكافئ من أساء إلى الوطن.
إن مثل هذه الخطوات (التصحيحية) لا يمكن أن تشكل تهديداً لطرف، ولا تعني بأي حال من الأحوال محاباة طرف على آخر، وليست كما يراها البعض مكافأة لمن أساء، كما أنها لم تأتِ استجابة فقط للضغوط الخارجية, فحتى اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي شكلها جلالة الملك من أجل معرفة ما حصل بالفعل خلال فترة الأحداث التي مرت بالبحرين من طرف محايد، بدأت مهماتها بالتوسط لدى عاهل البلاد لإرجاع المفصولين إلى أعمالهم والطلبة إلى جامعاتهم.
إن مثل هذا الموقف من لجنة تقصي الحقائق لا يمكن أن يفسر بأنه بادرة لحسن النوايا، أو أنه نابع من تعاطف أعضاء اللجنة مع من تم فصلهم، وإنما يجب أن يفسر بأن فصل الموظفين من أعمالهم على خلفية آرائهم السياسية يتعارض مع المواثيق الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان التي صدقت عليها مملكة البحرين.
ولذلك نجد أن 12 منظمة عمالية عالمية تقدمت بشكوى ضد مملكة البحرين أمام اجتماعات منظمة العمل الدولية المنعقدة حاليّاً في جنيف بسبب قيام السلطات البحرينية «بفصل عدد كبير سواء من أعضاء النقابات أو القيادات النقابية أو العمال».
وبالمثل؛ فإن إعادة محاكمة الكوادر الطبية أمام المحاكم المدنية؛ إنما تهدف إلى توفير جميع الضمانات لمحاكمة عادلة، بعد أن لم يحظ المتهمون في الفترة السابقة بمثل هذه الضمانات. فعلى سبيل المثال، لم يتسنَّ للمتهمين من الكادر الطبي التقاء محاميهم سواء خلال فترة التحقيق أو خلال عرضهم على النيابة العامة، إذ لم يلتقوا محاميهم إلا قبل نصف ساعة من بدء محاكمتهم.
إن من يدعو إلى المصالحة الوطنية، يجب أن يقف فعلاً مع مثل هذه الخطوات التصحيحية ويدافع عنها ويطالب بالمزيد منها، لسبب بسيط وهو تطبيق العدل والقانون
صحيفة الوسط البحرينية – 18 نوفمبر 2011م