إذا ما تحدثنا عن “الربيع العربي” من حيث مدى تأثيره على النظام الايراني من المناسب ان نتطرق الى مقال كتبه عادل الطريفي في 16 اغسطس 2011 في موقع “ايلاف” تحت عنوان “هل افسد الربيع السوري” على المرشد ليلته؟ في البدء يشير كاتب المقال الى علاقة ايران بالنظام الليبي الراحل اذ يوضح ان ايران تمتلك صلات خفية بالقذافي في حين القذافي يعيش في عزلة دولية بمعنى كان القذافي يراهن على ايران لان طهران التي تختلف مع العقيد بشأن اختفاء رجل الدين الشيعي موسى الصدر قبل الثورة احتفظت بالعلاقة معه حتى قبل رحيله والسبب كما يقول الكاتب يرجع الى صمود القذافي قبل الاطاحة به ضد “الناتو” الامر الضروري لعدم تمكين الناتو من نصر سريع، وهنا يصور الكاتب النظام الليبي بمثابة تميمة ضد ان يتحول التوجه الدولي نحو التدخل في سوريا أو ايران ذاتها، وعلى هذا الاساس كانت ايران اشد المنتقدين للتدخل العسكري في ليبيا.
ثم يعرض المقال القلق الايراني مما يحدث في المنطقة العربية، اذ يقول “حاليا يستشعر اركان النظام الايراني القلق من تبعات الزلزال الثوري الذي يلف المنطقة، صحيح انهم بادروا بالترحيب به؛ لانه طال اولاً خصومهم من حكام العرب الذين ظلوا عقوداً يعملون ضدهم، وهو امر شاركت فيه سوريا كذلك، ولكن حينما بدأ الشرر يطول حلفاءهم تغيرت اللهجة الايرانية من الترحيب بما حدث في مصر وتونس والبحرين الى التشكيك والاتهام بمؤامرة غربية تطول سوريا، حين بدأت الاحداث في البحرين صعدت طهران تجاه دول الخليج وحاولت جاهدة استمالة مصر بعد التغيير – ولا تزال – ولكن التردد المصري والحسم الذي بادرت اليه السعودية والامارات مع دول الخليج فيما يتعلق بالبحرين أوقع ايران في اشكال أكبر، حيث لم تبادر الى تنفيذ تهديداتها بالتدخل بل على العكس شهدنا موقفا ايرانيا دبلوماسيا في تقدير الموقف، فقد حاول صالحي – وزير الخارجية الايراني – اعادة فتح قناة الاتصال المنقطعة مع السعودية وتغيير نفس الخطاب المتشدد، وفي نفس الوقت قامت ايران بما تحسن القيام به في الخفاء وهو دعم حلفائها من وراء الستار بالمال والسلاح”.
ومن الواضح، انه كلما تأزمت الاحداث في سورية كلما اشتد وتضاعف القلق الايراني، ومع ذلك يشير المقال الى ان الاولوية بالنسبة للملالي والحرس الثوري هو استمرار النظام السوري وليس التمسك بالاوراق الخاسرة، وهنا يستشهد الكاتب بجريدة مقربة من المرشد الاعلى وهي واحدة من كبريات الصحف الايرانية تطالب الاسد في افتتاحيتها بـ “تفعيل اصلاحات سياسية قبل فوات الاوان” (جمهوري اسلامي) محذرة اياه من مصير القذافي الذي استخدم السلاح ضد مواطنيه، والملفت في الامر ان نوري المالكي تحول وبضغـوط مـن ايران الـى احد الاصوات الداعمة لنظام الاسد.
وفي ضوء الوضع الحاضر الداعي الى التغييرات السياسية في بعض الدول العربية، تحاول ايران لتعلن بوضوح عن خطط بديلة الهدف منها تعويض خسائرها والسبب وفق وجهة نظر الكاتب يعود الى ان الإيرانيين يدركون انهم يمرون بمرحلة خطرة وان منافسين اقليميين مثل تركيا والسعودية قد أبدوا جسارة – استثنائية – في مواجهة ايران من خلال الملفين البحريني والسوري. وكنتيجة لذلك من الطبيعي ان لا تدع ايران مصالحها تزول بانهيار نظام الاسد ولكن مواجهة التغيير في موازين القوى بسبب الانتفاضات التي عمت المنطقة يحتم عليها ايجاد البديل أو بالأحرى خطط بديلة.
وعلى صعيد آخر، يقول الكاتب “قبل ايام اصدرت مؤسسة الثورة الاسلامية للبحوث كتابا بعنوان “الليلة الخامسة عشرة” وهو كتاب توثيقي للقاء المرشد الاعلى السيد علي خامنئي بالشعراء الايرانيين العام الماضي في الليلة الخامسة عشرة من رمضان، حيث اعتاد المرشد تخصيص هذه الليلة من كل عام لمناقشة الشعر الفارسي الذي يشكل احد اهم هواياته منذ طلبه العلم ربما كان المرشد أكثر انشغالاً في رمضان هذه السنة من ان يخصص ليلة للشعر ولكن اذا ما تأمل “الربيع العربي” في سوريا الذي ربما افسد عليه ليلته فسيردد حتماً قول حافظ الشيرازي:
شهور بها الأوطان تقضي من الصبا وفي شأننا عيش الربيع محرم
الأيام 10 سبتمبر 2011