كما هو معروف يقوم صندوق النقد الدولي بإصدار أنواع مختلفة من التقارير التي تتناول مختلف الاقتصاديات العالمية واقتصاديات الدول الأعضاء، منها ما هو سنوي ومنها ما هو شبه سنوي .
وكان صندوق النقد الدولي قد أصدر في إبريل/ نيسان الماضي تقريره الخاص بجمهورية مصر العربية لعام ،2010 وهو عبارة عن مراجعة وتقييم أداء للاقتصاد المصري خلال عام 2010 أشاد فيه بنجاح الحكومة المصرية في التغلب على تداعيات الأزمة الاقتصادية وتحقيقها معدل نمو اقتصادي مدهش بلغ 7%، وأن سياسات قد اتخذتها الحكومة لمكافحة الفقر والبطالة ودعم النمو الاقتصادي .
وقد أرفق المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي المسؤول عن ملف مصر، هذا التقرير ببيان ذكر فيه أن السلطات المصرية تمكنت من معاودة إجراءات التثبيت والتعزيز المالي بعد أن كانت تركتها بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية في ،2008 ويشمل ترشيد استهلاك مادة البيوتين المدعومة وزيادة فعالية إجراءات التحصيل الضريبي .
التقرير نفسه لا يعدو أن يكون تقريراً مكتبياً رغم أن الجزء الرابع فيه يشير إلى قيام معديه بإجراء مشاورات مع السلطات المصرية انتهت في السادس عشر من فبراير/ شباط ،2010 إذ تنتهي هذه الاستطلاعات لرأي المسؤولين المصريين (السابقين) إلى مجرد قراءة إنشائية لمؤشرات أداء الاقتصاد المصري وليس إلى رأي محكم للجهاز التنفيذي للصندوق في هذا الأداء . فهو بهذا المعنى تقرير مكتبي ذو نفحة سلطوية بيروقراطية، غير معني بأي مسألة مستقبلية للاقتصاد المصري ذات شأن، مع أن السخط الشعبي في مصر كان قد بلغ مبلغه خصوصاً مع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية .
يقول التقرير إن الإصلاحات الاقتصادية الواسعة والمستدامة منذ 2004 قد قللت من فرص تأثر الاقتصاد بحساسية الانعكاسات السلبية لمفاعيل أدوات السياسات المالية والنقدية وحسنت المناخ الاستثماري، وهو ما أعطى الاقتصاد مساحة أوسع لاتخاذ السياسات الملائمة المضادة لأي آثار سلبية لمفاعيل تلك الأدوات .
واللافت أن التقرير لم يلحظ الانعكاسات السلبية المحتملة لتدفقات الاستثمارات قصيرة الأجل على عملية صناعة القرار الخاص بالسياسة النقدية، خصوصاً في ما يتعلق بتأثيرات هذه التدفقات الرأسمالية قصيرة الأجل على سعر صرف الجنيه المصري وعلى العرض النقدي ومستويات الأسعار وعلى الحساب الجاري لميزان المدفوعات .
وغني عن القول إن التدفقات الداخلية لرأس المال المتحفزة بأسعار فائدة جاذبة وأوراق مالية بأسعار سوقية مغرية وأصول أخرى ثابتة (عقارية مثلاً)، كانت تملك كل أسباب تحقق مخاوف الاقتصاديين المعتادة من هذه التدفقات لاسيما في ما يتعلق بالتسبب في رفع قيمة العملة المحلية وتضخيم قيمة الأصول، أي التسبب في فقاعات هنا وهناك، الأمر الذي يفاقم الهشاشة المالية .
بهذا المعنى فإن التقارير السنوية لصندوق النقد الدولي الخاصة بكل دولة من الدول الأعضاء تشترك مع تقارير التقييم المالي التي تصدرها مؤسسات التصنيف الدولية، في الخاصية المتمثلة في أنه يصعب الاطمئنان إلى خلاصات مرئياتها بسبب نقص الشفافية والمصداقية في إيراد المعلومة وتحليلها .
حرر في 7 ابريل 2011