المنشور

السـِنة أيضاً يريدون الإصلاح


ستكون خطيئة قاتلة لنا جميعاً إن قسمنا البحرينيين بطريقة نظهر بها أن بعضهم يريد الإصلاح، وبعضهم الآخر لا يريده، وفي عنقنا جميعاً مسؤولية إظهار أن الإصلاح السياسي والدستوري والتوزيع العادل للثروات هي قضية البحرينيين جميعاً، سنة وشيعة، ويجب ألا نسمح للنوازع الطائفية أن تشوه الوعي الوطني في هذا البلد.

وفي اللقاء بين الجمعيات السياسية المعارضة وتجمع الوحدة الوطنية خاطبتُ فضيلة الشيخ عبداللطيف المحمود بالقول، إن السنة، كما الشيعة، دعاة أشداء للإصلاح والعدل، وفي تاريخ حركتنا الوطنية رموز وطنية من السنة تشهد البحرين كلها لهم بالتضحية في سبيل حقوق الشعب كاملاً، لا في سبيل طائفة أو فئة.

وحسبنا هنا أن نتذكر عبدالرحمن الباكر وعبدالعزيز الشملان ورفاقهما من قادة هيئة الاتحاد الوطني، وأن نتذكر المناضلين المرحوم أحمد الذوادي، وعبدالرحمن النعيمي شافاه الله وأحمد الشملان، وسواهم الكثير، ويمكن أن نذهب أبعد في التاريخ فنتذكر عبدالوهاب الزياني وسعد الشملان ورفاقهما.

لدى البحرينيين تاريخ ممتد من النضال في سبيل الحقوق السياسية، ونجحت الحركة الوطنية منذ خمسينات القرن الماضي، وعلى مدار عقود، في أن تعبئ الشعب، في إطار وطني شامل من أجل الاستقلال والحرية وإطلاق الحريات العامة والمشاركة السياسية.

ويظل جوهر القضية في البحرين هو جوهر وطني بامتياز، فليس طلب الإصلاح والعدالة الاجتماعية أمراً خاصاً بطائفة بعينها. كل البحرينيين يتطلعون إلى أن يروا في بلادهم مقادير أكبر من المشاركة السياسية ومن الحريات الديمقراطية ومن العدالة في توزيع الثروات، وخطيئة لا تغتفر أن يجري تزييف مطالب الإصلاح بإضفاء الطابع المذهبي عليها، والهروب من خيار الإصلاح المستحق بدفع الأمور نحو الاصطفافات، وربما حتى الصدامات الطائفية، لا قدر الله.

وينتاب كل المخلصين من أبناء هذا الوطن قلق كبير على وطنهم، من المآلات التي يمكن أن تسير فيها الأمور في البلد، إن لم يتداعَ العقلاء من القوم إلى مبادرة وطنية شاملة لإخراج البلد من حال الاحتقان السياسي الذي تعيشه، تتبنى مصالح الإصلاح السياسي والدستوري، وتُجنب البلد الفرقة ومخاطر الانزلاق نحو الفتنة الطائفية.

وفي هذا الظرف الحساس على الجميع، وفي مقدمتهم أجهزة الإعلام، أن تتوجه بخطاب يساعد على مداواة الجروح، ويحث على تجاوز الأزمة عبر تهيئة أجواء حوار وطني مثمر، ينطلق من دعوة ولي العهد، أما الاستمرار في صب الزيت على النار، وذر الملح على الجراح فلن يؤدي إلا إلى الفتنة والخراب.

هناك مطالب مشروعة بالإصلاح وبالحياة الحرة الكريمة وبالتوزيع العادل للثروات ومحاربة الفساد وبتمكين الشعب من المساهمة في صنع حاضره ومستقبله، وهذه أمور لا تخص طائفة أو فئة، ولا يصح التعاطي معها بهذه الروح، وإذا ما اتفقنا على ذلك وعملنا في اتجاهه، نكون وفرنا البيئة الصحية لأن يعلو الصوت الذي يريد أصحابه للبلاد أن تستقر، وأن تمضي في الطريق الذي يناسب عالم اليوم المتغير الذي لم يعد ممكناً فيه إدارة الأمور بالطرق القديمة، فالماضي أصبح ماضياً. نحن الآن في الحاضر.