المنشور

المخرج الوطني


طوال الأيام الماضية، منذ أن تفاقم الوضع السياسي والأمني في بلادنا، ونحن ندعو في تصريحاتنا وفي اللقاءات مع القوى السياسية والشخصيات الوطنية، الى أن المخرج من الوضع الراهن لن يكون إلا مخرجاً وطنياً، بمعنى أنه مخرج متوافق عليه بين مكونات المجتمع البحريني المتعددة، وأن ينبني هذا المخرج على الاستجابة للمطالبات بالإصلاح السياسي وتأمين شروط حياة أفضل للمواطنين.

وهذه الاستجابة لا تفرضها التحولات التي جرت في المنطقة العربية فحسب، وإنما تتطلبها في المقام الأول حاجات تطوير العملية السياسية في البحرين، في اتجاه الاختيار الذي توافق عليه المجتمع والدولة في بناء المملكة الدستورية، وفق أحكام ميثاق العمل الوطني.

وعند تقييم الوضع الناشئ في البلاد اليوم يجب أن تكون لنا البصيرة الكافية لرؤية الموضوع من زواياه المختلفة، لا من زاوية واحدة فقط، ومن ذلك أن ننتبه الى مخاطر الاستقطاب الطائفي المتصاعد في المجتمع، ومخاطر ذلك على النسيج الوطني في البلاد، ومستقبل التعايش المشترك فيه.

والخبرة السياسية المستخلصة من تاريخنا الحديث تشير الى انه لتحقيق أي مطلب من المطالب، لا بد من تأمين التوافق الوطني عليه، فالسنة مثل الشيعة حريصون على أن تتطور بلادهم وتتقدم سياسياً، ويتسع فيها نطاق المشاركة السياسية، ومساحة الحريات العامة والحقوق الديمقراطية، وهي أمور لا مناص من الاستجابة اليها دون تباطؤ، ففي هذا التباطؤ مضاعفة للكلفة التي يتعين دفعها، واطالة أمد التوتر والاحتقان.

هناك وضع على الأرض قائم اليوم لا يمكن التغاضي عنه، والمطلوب تثميره في عملية سياسية تؤدي الى الدفع بالبلاد خطوات للأمام في اتجاه خيار وطني اصلاحي، ينزع عن الأمر الطابع الطائفي، ويحقق حالة وطنية عامة تعكس المزاج المشترك للمجتمع البحريني بمكوناته المختلفة، وبما يؤكد الطابع المتنوع للشعب البحريني، ليس فقط من وجهة النظر المذهبية، وانما أيضاً من وجهة نظر التنوع السياسي والفكري والاجتماعي.

كتبنا أمس عن البداهة التي طالما كررناها جميعاً بأن البحرين مجتمع من جناحين، وليس بوسعه أن يحلق نحو المستقبل بجناح واحد، تماماًُ كما هو حال الطير الذي ليس بوسعه أن يطير بجناح واحدة، وهذا ما نحن بحاجة الى التأكيد عليه اليوم أيضاً، ليس من باب المجاز أو البلاغة اللغوية، وانما من باب التأكيد على حقيقة راسخة، هي منطلق التفكير السديد في مستقبل البلد.

ان خطوات يجب ان تتم على وجه السرعة في اتجاه عملية سياسية تشمل الفاعلين في الحراك القائم اليوم من مواقعهم المختلفة، من اجل اخراج البلاد من حال التوتر السياسي الراهن، وعدم السماح لحال الاستقطاب الطائفي بأن تستفحل أكثر، وتهدد ما بنته أجيال من البحرينيين على مدار عقود طويلة.