نصحت صحيفة غربية الرئيس الأمريكي باراك اوباما بالقول « إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في مصر فأقرأ رواية علاء الاسواني « عمارة يعقوبيان» حيث يتحول ابن البواب الفقير الى جماعة ارهابية بعد ان تنسد أمامه كل أبواب الرزق والأمل، لكن الغرب والولايات المتحدة الامريكية ومعها النظام العربي الرسمي لا تزال في مرحلة معالجة نتائجه وليس التصدي لأسبابه، المخرج السينمائي الشاب خالد يوسف تلميذ يوسف شاهين قال في مقابلة أخيرة له بمناسبة الأحداث الجارية في مصر، ان كل ما يجري في مصر حاليا وثقت له في أفلامي العديدة «حين ميسرة» «هي فوضى» وأضاف ان فيلمه الأخير «دكان شحاته» ينتهي في ميدان التحرير تماما كما نرى الى المشهد الآن، يستشهد الزميل والصديق الدكتور حسن مدن في مقال له بعنوان «المستقبل بات حاضرا» نشر في صيحفة الخليج الشارقية امس بعدد من الدراسات الاستشرافية التي اعدتها جهات بحث عربية وتنبأت بحدوث كل هذه الاحتجاجات والثورات، ولعلنا ندرك اليوم ان ثمة سدودا مصطنعة داخليا وخارجيا في السياسة والاقتصاد قد سدت مجرى التطور الطبيعي لحركة الزمان والمكان في الارض العربية واعاقت نمونا ومكنت بيئات حكم شمولي يستفرد بالقرار.
اتذكر تقريرا من تقارير التنمية الانسانية نشر قبل سنوات واختتم بعبارة «الفقر في اي مكان يهدد الرخاء في كل مكان»، ولعل المتابع لمجريات الاقتصاد المصري والاقليمي والعالمي وبورصاته يرى الى الخسائر العظيمة التي يتكبدها يوميا وفي جميع القطاعات جراء الاحتجاجات المصرية، فالعالم كله بدا كتلة مترابطة، واي خلل او تصدع في مكان تنتقل موجاته وارتداداته وتداعياته لمكان آخر، وتشير احداث مصر وتونس وما سبقها من ثورات واحتجاجات الى مدى ارتباط لقمة العيش بالأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، كما هي على صلة وثيقة بكل برامج التنمية – ان كانت هناك تنمية – ومدى جدية وعودها وكيفية توزيع خيراتها.
ان الاحتجاجات مؤشر على اخفاق سياسي وتأخر الاصلاح الحقيقي والديموقراطية بذريعة التفرغ لمحاربة الاعداء، فتارة هي اسرائيل وتارة اخرى هم الشيوعيون، ثم الاسلاميون، فالارهابيون …
اما الغرب المنافق الذي لم يرد لنا الخير ولا الاصلاح ولا الديموقراطية فقد ساهم بسطوته ونفوذه في ربط مصالحه مع الأنظمة وابقى الشعوب ترزح تحت وطأة الفقر والتعتيم، تنكر الغرب لكل مبادئه حول الحرية والمساواة والديموقراطية وحقوق الانسان واجهض كل محاولات التحرر والانعتاق من النظم الدكتاتورية، ان الغرب غير متفاجئ بصيحات الشارع العربي المنتفض وان ادعى ذلك، وقد ظل دوما يرفع الشعارات التي يمارس نقيضها.
شرق أوسط يخلق من جديد على وقع مطارق الشارع المنتفض المطالب بحقوقه، وليس وفق سياسة «الفوضى الخلاقة» الأمريكية التي اردات تفتيت الشعوب دينيا ومذهبيا وخلق فزاعة القاعدة والإرهاب الإسلامي وبن لادن الجاري البحث عنه منذ عشر سنوات.
الأيام 2 فبراير 2011