وسط حضور شبابي لافت متعدد الميول والاهتمامات عُرض في مقر المنبر التقدمي مساء أمس الأول الفيلم البحريني:«حنين»، من إخراج الفنان حسين الحليبي وسيناريو الفنان خالد الرويعي، وتمثيل نخبة من أبرز الفنانين البحرينيين.
يُقارب الفيلم موضوعاً إشكاليا ودقيقاً هو المسألة الطائفية في البحرين، من خلال رصده للتحولات في الوعي المجتمعي، ممثلةً في العودة عن الحس الوطني المشترك الذي جمع البحرينيين في بوتقة النضال من أجل قضاياهم المشتركة الجامعة، إلى أشكال الاستقطاب الطائفي في أكثر صورة مَرضية وابتذالاً.
ولأن هذا الموضوع ملتبس إلى حدود بعيدة بالشأن السياسي، فانه لم يكن بوسع كاتب السيناريو والمخرج وطاقم العمل أن ينجوا من ملامسة التقاطعات بين التيارات المختلفة في البحرين، دون أن يتيح زمن الفيلم المحدود الوقوف على تلك التقاطعات بالصورة المتوخاة.
عقب عرض الفيلم نقاش جدي مع الحضور شارك فيه كل من مخرج الفيلم حسين الحليبي والمخرج المساعد الفنان أحمد الفردان والفنانة القديرة مريم زيمان الممثلة في الفيلم، وبين الحضور ضيوف مهتمون بالشأن السينمائي والنقدي من المملكة العربية السعودية، حول القضية الإشكالية التي يطرحها الفيلم وحول بعض الجوانب الفنية فيه، ويمكن القول أن مداخلات الحضور تشير إلى تشكل وعي سينمائي واعد لدى شرائح من الجيل الجديد.
وكانت الإشارات التي قدمها حسين الحليبي ومساعده أحمد الفردان مهمة لجهة تسليطها الضوء ليس فقط على بعض المحطات في الفيلم التي أثارت الأسئلة، وإنما أيضاً لتشديدهما على الصعوبات التي واجهت إنتاج الفيلم، وهي جميعها تندرج تحت عنوان غياب العناية الرسمية بالإنتاج السينمائي في البلاد.
فالفيلم أنتج بإمكانيات مادية محدودة للغاية، وبفريق عمل قليل العدد بالقياس إلى طبيعة الموضوع والمعالجة التي يتطلبها، مما جعل القائمون على الفيلم يستعينون بتقنيات تلفزيونية أكثر منها سينمائية.
وأشار المخرج إلى أن عدة جهات رسمية تمنعت عن تقديم المساعدة في تصوير الفيلم، وتأمين الإمكانيات المطلوبة، وواجه الفريق العامل صعوبات في تأمين أماكن التصوير أمام اعتذار الجهات المعنية عن الترخيص بالتصوير، بل أن بعض الجهات تراجعت في اللحظات الأخيرة عن موافقتها فيما كان الممثلون بكامل استعدادهم للتصوير.
هذه الإشكالات تشير إلى معضلتنا الأزلية ، حين لا تواجه مواهب إبداعية واعدة ومتفانية في عملها ومخلصة له، ولديها رغبة جادة في النهوض بأوضاعنا في المجالين الثقافي والفني، إلا بالتجاهل والإهمال وعدم التقدير.
جميل أن يتصدى لمثل هذه الموضوعات مبدعون شباب تلقوا خبراتهم في المؤسسات الفنية في البلد منذ صباهم، وكانوا على تماسٍ مع قضايا المجتمع الكبرى من خلال أدوارهم في مؤسسات المجتمع المدني، وهي سمة بحرينية بامتياز يجب النظر إليها على أنها علامة من علامات نضوج الوعي في بلادنا، جديرة بالتقدير والرعاية، لا التنكر منها أو السعي لإقصائها أو إحباط آمالها.
في النهاية نشد على أيادي فريق الفيلم، وهو فيلم يأتي في سياق التأسيس لسينما بحرينية، كما نوهت إلى ذلك الفنانة مريم زيمان، حين قالت أن مجموع ما قدم من أعمال سينمائية بحرينية ما زال محدوداً للغاية، وهذه الأعمال هي مساعي ولوجنا إلى عالم السينما الذي يجب العمل على تحفيزه وتسريعه.