إن إعلان إقرار زيادة رواتب ومكافآت النواب ما مجموعه من 3250 دينارا إلى 4500 دينار.. قد أثار تساؤلات المواطنين والناخبين، بقدر ما أثار استياءهم وامتعاضهم.
ولعل الخبر الذي نُشر على الصفحة الأولى بجريدة أخبار الخليج بتاريخ 10 ديسمبر 2010م والمعنون بـ “زيادة رواتب ومكافآت أعضاء الشورى والنواب تصدر قريباً.. ما موقف (الوفاق) وقد أعلنت سابقاً رفض الزيادة؟”.. هو خبر قد تخضع مغازيه ومعانيه(النواب) كافة إلى اختبار عسر إن كانوا هم ممثلين للشعب تحت قبة البرلمان، أو إن كانوا أهلاً لصون أمانة الناخبين في قلوبهم، وحمل رسالة الشعب في عقولهم، أو إن كانوا موضع ثقة بتحمل تلك المسئولية الوطنية والتاريخية والأخلاقية على كواهلهم وأكتافهم.. بعيداً عن تأثرهم بما يمت إلى مصالحهم الشخصية وأغراضهم الذاتية بصلة، أو انتهازهم الفرص الوصولية والنفعية بمزيد من الانتهازية والسعي إلى تحقيق الثراء الفاحش، على غرار ثراء النائب العراقي المحسوب على التيار الصدري (بهاء الأعرجي) الذي كشف الفنان المصري (عادل إمام) من خلال مقابلة أجرته معه قناة (إم بي سي) عن ثراء هذا النائب، وعما يمتلكه من فلل فاخرة وشقق نموذجية في كل من مصر والنمسا وإيرلندا وغيرها من الدول، ناهيك عن ثرائه بأرصدة قياسية في البنوك التجارية.
إننا حينما طرحنا تساؤلاتنا السالفة الذكر، وما تمخض عن ممارسات وأساليب ومواقف النواب في الفصل التشريعي الثاني، تؤكد (النقيض الصارخ) لهذه التساؤلات.. مثلما تكشف حقائق هذا (الاختبار العسير) عن وهن هؤلاء النواب دون صمودهم أمام هذه الزيادات وهذه العلاوات وعجزهم عن كبح جماحهم أمام مختلف الإغراءات، وشتى المميزات والتسهيلات. وذلك لسبب بسيط بات جليا أمام الناخبين والمواطنين على حد سواء وهو حينما سعى هؤلاء النواب باستماتة نادرة إلى تأييد ودعم (مشروع الراتب التقاعدي).. حتى تحققت مصالحهم ومآربهم وأغراضهم الشخصية، المتمثلة في مشروع الراتب التقاعدي الذي دخل إلى حيز التنفيذ والتطبيق، والذي يمثل في واقع الأمر هدراً للمال العام، واستنزافاً لمقدرات الشعب.
وحسبما جسد بالأمس (المشروع التقاعدي للنواب) إجحافاً في حقوق المتقاعدين بإنزال فداحة الظلم على كواهلهم، فإن مشروع “زيادة رواتب ومكافآت أعضاء الشورى والنواب”.. قد يمثل ضربة مؤلمة تقصم ظهور المواطنين، وخاصة من ذوي الدخول المحدودة الذين يتوجسون (اليوم) من رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاستهلاكية، بسبب مكابدتهم تدني رواتبهم التي لا تفي وسد رمق جوعهم وحاجاتهم المعيشية والاستهلاكية والأسرية وغلاء المعيشة.
وفي ذات السياق فإن إثارة السؤال السالف الذكر إزاء موقف (الوفاق) من (زيادة رواتب ومكافآت النواب) المرتقبة.. فإن الجواب عن هذا السؤال المهم سيظل معلقاً في الهواء.. طالما (جمعية الوفاق) وهي التي كانت تمثل أكبر الكتل الإسلامية تحت قبة البرلمان خلال الفصل التشريعي الثاني، قد وافقت على (مشروع الراتب التقاعدي) بصمت وهدوء، ومن دون أن تنبس ببنت شفة.. شأنها في ذلك شأن الكتل الأخرى: (كتلة الأصالة الإسلامية وكتلة المنبر الإسلامي، وكتلة المستقلين).
في نهاية المطاف نستطيع القول إن نواباً كهؤلاء حسبما عكسوا تلك الصورة النمطية السلبية بإبرازهم الوجه الذاتي لمظاهر وجاهاتهم، ومقامات شخصياتهم في دوائر الضوء الإعلامية، على حساب إخفاء الوجه الموضوعي إزاء حقوق مواطنيهم، والدوس على وعودهم وعهودهم التي قطعوها على أنفسهم أمام ناخبيهم خلال حملاتهم الانتخابية.. فإن هؤلاء النواب جميعاً يؤكدون انطلاقهم من منظار مصالحهم الضيقة وأغراضهم الشخصية، ليدفعوا جل اهتماماتهم إلى الاستئثار بالمغانم والهدايا والمنافع والعطايا، والاستحواذ على مردودات حصة نصيب الأسد.
إذاً ليس بمستغرب أن يترقب هؤلاء النواب زيادة رواتبهم ومكافآتهم، على أحر من الجمر.. شاحذين شهيتهم بفتح محفظاتهم وجيوبهم وأرصدتهم، من أجل إدخال المزيد من الثروة والمكافآت والزيادات، بصمت من دون أن يرف لهم جفن أو طرف.. وهذا ما سوف تكشفه الأيام المقبلة.
أخبار الخليج 31 ديسمبر 2010