المنشور

مشاريع الأمن الغذائي . . الأهم التنفيذ


بعد إعادة تشديد الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء على أهمية دعم المشاريع التي تصب في خدمة أحد أهم الأهداف الإستراتيجية التنموية للاقتصاد الوطني البحريني وهو الأمن الغذائي، وذلك على خلفية مراوحة مشروع الاستزراع السمكي، بعد إعادة تشديده على أهمية هذا الموضوع وتوجيهه أجهزة الدولة لتسهيل إنفاذ المشاريع المتصلة بالأمن الغذائي، توالى الحديث في صحافة البحرين المحلية عن إقامة مشاريع غذائية بمبادرة من القطاع الخاص البحريني وبرؤوس أموال بحرينية خالصة .
 
فلقد أعلن في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن تقدم مجموعة من المستثمرين البحرينيين الخواص للوزارات والجهات المختصة في الدولة بمشروعين يتعلق الأول بإنشاء شركة استثمار زراعية، والثاني بإنشاء شركة لتربية الدواجن يبلغ إجمالي رأسمالهما 32 مليون دينار (نحو 85 مليون دولار) .
 
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي صرح وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني د . جمعة الكعبي، بأن الوزارة عازمة خلال الفترة المقبلة على تنفيذ العديد من المشاريع الداعمة لتوفير الأمن الغذائي، ودفع عجلة الاقتصاد بالمملكة، وتلبية الاحتياجات الرئيسة للمستهلكين بالتعاون مع القطاع الخاص .
 
وكان قد جرى الإعلان سابقاً عن إنشاء شركة “أسماك” للاستزراع السمكي بمبادرة من 34 مساهماً وبإنتاج مقدر بنحو 1500 طناً سنوياً من الأسماك، أي ما يوازي 10% من إجمالي الاستهلاك المحلي البالغ 16 ألف طن سنوياً .
 
وهناك حديث عن إنشاء شركة مساهمة متعددة الجنسية (بحرينية-سعودية – كويتية – باكستانية وإسبانية مشتركة)، لإنتاج السكر محلياً برأسمال يبلغ 150 مليون دولار في مدينة سلمان الصناعية، وعلى مساحة تبلغ 59000 متر مربع، إضافة إلى إصدار ترخيصين صناعيين لمصنعين لإنتاج وتعبئة التمور الأول لمستثمر سعودي بطاقة إنتاجية تبلغ 6000 طن سنوياً والآخر لمستثمر بحريني بطاقة إنتاجية تبلغ 40 طناً سنوياً . بلا شك هذا تطور جيد ينم عن وجود تحول محمود في الفكر الاستثماري لدى القطاع الخاص البحريني، الذي جبل على الحذر الشديد المبالغ فيه تجاه الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي (قطاعات الإنتاج المادي)، بسبب الطول النسبي لفترة الاسترداد (Pay-back period) والعائد المتوسط أو المعتدل على الاستثمار (Moderate return on investment)  نسبياً قياساً للعائد على الاستثمار في القطاعات التقليدية التي خبرها واعتاد عليها (القطاع الخاص البحريني) كقطاع التجارة والخدمات . ولكنه، بالمقابل، عائد مضمون ومتطور خصوصاً إذا ما أدير المشروع بكفاءة استناداً إلى جدواه الاقتصادية المدروسة بعناية وبضمنها دراسة السوق المقرونة بسياسة تسويقية فعالة .
 
وغني عن القول هنا إن مثل هذا الاستثمار المنتج (بكسر التاء)، هو الذي يشكل ضمانة أكيدة للاستدامة التنمية والمساهمة الحقيقية في الاقتصاد وفي خلق الوظائف النوعية الجديدة .
 
وكانت الأزمة المالية العالمية التي اندلعت خريف عام ،2008 قد أحيت من جديد الاتجاهات الاستثمارية الإنتاجية وأعادت الاعتبار للاقتصاد الحقيقي إثر الانهيار المريع للاستثمارات الورقية المضارباتية (الأوراق المالية) .
 
وبرغم أهمية الجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل وتعريض قاعدة إجمالي الناتج المحلي، تقليلاً للاعتماد على القطاعات التقليدية، يبقى التوسع في الاتجاه الاستثماري الجديد، أي في قطاع الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، هو الأبرز والأهم والأجدر بالدعم وتقديم التسهيلات الحكومية، لأنه فعلاً سوف يدفع بقطاع إنتاجي بالغ الأهمية والإستراتيجية من الوضع الهامشي إلى الوضع المحسوس بوزن مساهمته في إجمالي الناتج المحلي .
 
ويبقى الأهم فيما يُعلن ويُذاع ويصرح به من نوايا وتوجهات استثمارية نحو القطاعات الإنتاجية وتحديداً القطاعات المساهمة في تقليل الاعتماد على الخارج، بتأمينها جزءاً من حزمة الأمن الغذائي، ألا تكون هذه الإعلانات مجرد نفرة حماسية لا تلبث أن يطويها النسيان، أو يحبطها طول وبيروقراطية إجراءات تفعيل القرار بشأنها، أي أن الأهم هو نقل الفكرة ومشروعها من الورق إلى حيز التنفيذ .