نتائج الانتخابات النيابية والبلدية، وقد انجلى غبار المعركة الانتخابية حامية الوطيس التي عشناها طوال أسابيع، بحاجة إلى تقييم مطول، لعل أكثر المعنيين به هو التيار الديمقراطي الذي أخفق هذه المرة أيضاً، كما في المرة السابقة في الحصول على مقعد نيابي أو حتى بلدي.
وعلينا الاستدراك هنا بالقول إن هذا التيار لم يكن يعلق آمالا كبيرة على نجاحات باهرة، وإنما كان يطمح في أن يحدث بعض الاختراقات المحدودة في عدد من الدوائر، معولا على تراثه النضالي وبرامجه الانتخابية القوية، وفي حالة جمعية «وعد» يمكن أن نضيف التعويل على الدعم المتوقع من جمعية الوفاق، ولكن فقط في الدوائر التي عدتها دوائر غير وفاقية، أي ذات أغلبية شيعية حاسمة.
على التيار الديمقراطي أن يقيم أدءه هو كتيار، وأن يحسب قوته منفردا ليراها كما هي فعلا في الواقع ودون رتوش أو زوائد، وإذا كانت أطراف التيار الديمقراطي قد تعرضت للتعريض والتشهير والتشويه من قبل قوى الإسلام السياسي السني في الدوائر التي تنافسوا معه فيها، فان تشويهاً وتعريضا مشابها تعرض له مرشحو هذا التيار في الدوائر التي نافسوا فيها الوفاق، وبعبارات تكاد تكون متشابهة، وعلى التيار الديمقراطي أن يواجه نفسه بدلالات ذلك، فالمسألة في جوهرها واحدة، حتى وان اختلفت التفاصيل.
رب ضارة نافعة، كما تذهب إلى ذلك الحكمة العربية البليغة، فلعل أطراف التيار الديمقراطي ترى في الإخفاق الذي انتهت إليه في الانتخابات النيابية والبلدية على حد سواء، فرصة لوقفة طويلة وعميقة وجادة لمراجعة أدائها السياسي والفكري خلال الفترة الماضية، حيث ستستمر أربع سنوات أخرى خارج المشهد البرلماني والنيابي، وتأثيرها عليه سيكون من خارجه، عبر المؤسسات والأدوات الجماهيرية الأخرى التي يملك التيار الديمقراطي نفوذا أو تأثيرا فيها، هذا طبعاً في حال أحسن هذا التيار ممارسة هذا التأثير.
لكن على ممثلي هذا التيار، وهم يقيمون أداءه، أن تكون أبصارهم موجهة نحو المستقبل، ذلك أن هذا التيار، رغم تراجعه المؤلم اليوم، يظل تيارا منغرسا في تربة البحرين وفي وجدان شعبها، وهو ليس تياراً طارئا أو مستجدا على العمل السياسي، وبوسعه، إن قيم بجرأة ووضوح تجاربه السابقة، بما يقتضيه ذلك من ممارسة شجاعة للنقد الذاتي، مهما كان مؤلماً، أن يعد العدة لتحسين فرصه في المستقبل، وأن ينهض بما هو منتظر منه من مهام.
ونحن ندرك أن هذه المهمة ليست بالتبسيط الذي قد تبدو فيه من الظاهر، ولكن تعقيدها أو صعوبتها يجب ألا يحملنا على أن نجفل منها، وأن نواجهها بما تستحقه من اهتمام وعناية.
صحيفة الايام
6 ديسمبر 2010