إن التحالف السداسي المشكل ما بين جمعيات (الوفاق الإسلامية والمنبر الديمقراطي التقدمي والعمل الوطني “وعد”، والعمل الإسلامي، والاخاء، والتجمع القومي).. قد ولد منقوصا كسيحا، وهجينا مشوها، بل ولد ميتا.
وحين نشير إلى ان هذا التحالف ولد مشوها.. فان الغربة ما بين مختلف أطرافه قد أدت إلى هلاميته وتشويهه.. بقدر ما يظل (التناقض بوحدته وصراع أضداده) في بوتقة هذا التحالف، يمثل تناقضا تناحريا، ما بين الجديد وما بين القديم.. وما بين التخلف والتقدم.. وما بين الانفتاح والانغلاق.. وما بين الديمقراطية والاوتوقراطية.
وفي ذات السياق نستطيع القول ان انهيار (التحالف السداسي) قد يكمن بالمقام الأول في أجندة الخطاب الديني لـ (جمعية الوفاق الإسلامية) التي تمثل هذه (الأجندة) السبب الرئيسي في موت هذا (التحالف) في مهده وقبل ان يرى النور أصلا.. لتلحق جنازة هذا (التحالف السداسي) في نهاية المطاف.. بجنازة (التحالف الرباعي) الذي كان يمثل جمعيات (الوفاق والعمل الوطني والعمل الإسلامي والتجمع القومي).. والذي بدلا من توسيع رقعته ورفع أسقفه وتعزيز مسئوليته، هو الآخر قد تفتت دعائمه وانهارت مرتكزاته، وبالتالي ضاعت آماله وأهدافه، بعد أن تلاشى هذا التحالف هباء أدراج الرياح.
إن هذا (التحالف الرباعي) الذي قادته (جمعية الوفاق) باستبداد مستحكم قد أنزلت من خلاله فداحة الظلم والعسف على كواهل حليفها الاستراتيجي (جمعية العمل الوطني “وعد”).. بعد ان لاقى هذا الحليف ما لاقاه من اضطهاد سياسي وطائفي وانتخابي خلال انتخابات عام 2006م للفصل التشريعي الثاني.. وبحسب ما أوصلت (جمعية الوفاق) هذا الحليف بالأمس الى مستوى الدونية ودرجة التهميش.. فانها اليوم تواصل ممارساتها الفوقية النرجسية وأساليبها الاستبدادية خلال (التحالف السداسي) باستنهاض أجندتها الإسلامية، وإثارة اصطفافاتها الطائفية والاسترشاد بمرجعياتها الدينية.
من هذا المنطلق قد أصاب الأمين العام لـ (جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي) الدكتور (حسن مدن) كبد الحقيقة.. حينما قال مسترسلا للصحافة المحلية: “التنسيق السداسي وبعد الانتخابات التي كشفت انه لا يوجد تحالف سداسي أو غيره، يجب ان تكون هناك وقفة جادة من قبلنا باتجاه هذا الموضوع، حيث تعرضنا لإساءات كبيرة من الطرف الذي نافسناه في هذه الانتخابات استهدفت مواقفنا الوطنية”. وبحسب ما تطرق المناضل الدكتور (حسن مدن) الى حديث كهذا مثير للشجن والأسى والألم.. يخرج على الجميع في الوقت ذاته احد قيادات (جمعية العمل الوطني “وعد”) ليعلن من خلال الصحافة المحلية بصريح العبارة، مدافعا من خلالها عن هذا التحالف السداسي المشوه، الذي تقوده (جمعية الوفاق).. مبررا تلك الهجمة الشعواء التي نظمتها حملات جمعية الوفاق الانتخابية والإعلامية، بحق مرشحي المنبر الديمقراطي التقدمي، ومرشح التجمع القومي.. بحجج تسويغية وتسويفية، ومبررات واهنة وديماغوجية.
نستطيع القول في نهاية المطاف: لقد آن الأوان، ان تنطلق جمعياتنا الوطنية، باتخاذ مبادرتها الوطنية والمبدئية من دون تردد أو تأخير، بسعيها الى النهوض بالتيار الوطني الديمقراطي.. وتنفيذ كل ما نوقش إزاء اطر هذا التيار خلال حوارات ومداخلات الندوة التي احيتها الجمعيات الوطنية الثلاث (المنبر التقدمي والعمل الوطني والتجمع القومي) في مجلس الدوي بالمحرق بتاريخ 17 يونيو 2010م والتي تضمنت حقائق ومعطيات ومفاهيم (التيار الوطني) بتشكيله وإبراز كيانه ومكانته الى حيز الوجود، وتوكيد هويته وتاريخه في دائرة الضوء بدعم من لوائحه وأنظمته وقوانينه الداخلية واسترشادا ببرنامجه (السياسي والاقتصادي والاجتماعي والانتخابي).
ولعل بهذا الصدد فان ثمة عبارة تاريخية ذات مغاز عظيمة للشاعر العراقي الكبير (محمد الجواهري) قد تحضرنا في هذا السياق، إذ تقول “ولي على الرفاق عتاب شديد”.. وهكذا جاء عتابنا الذي أعلناه لرفاقنا وقوانا الوطنية في جمعيتي (المنبر الديمقراطي التقدمي، والعمل الوطني “وعد”) منشورا في عدة مقالات سابقة، في ضوء تلك التحالفات غير المتكافئة، التي أقيمت ما بين التيار الوطني الديمقراطي بـ (ديمقراطيته وتسامحه).. وتيار الإسلام السياسي بـ (استبداده وإقصائه وطائفيته وتعجرفه).. ومن هنا فإننا نناشد قيادات التيار الوطني الديمقراطي، والممثل في (المنبر التقدمي والعمل الوطني والتجمع القومي) فك الارتباط مع جمعيات الإسلام السياسي وعلى رأسها (جمعية الوفاق) التي أساءت كل الإساءة المهينة والجارحة لمرشحي المنبر التقدمي ومرشح التجمع القومي.
مثلما طالب اللقاء الداخلي لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، التي عقدت اجتماعها مساء يوم 7 نوفمبر 2010م “بعدم الاستمرار في التحالف السداسي”.. لكون هذا التحالف، قد عكس نموذجا حيويا عن مدى (الهيمنة الطائفية والاقصاءات المذهبية، واعتماد المرجعية الدينية) لتيار الإسلام السياسي.
أخبار الخليج 19 نوفمبر 2010