أكثر الإعلام الخارجي الذي غطى الانتخابات الأخيرة الحديث، بعد إعلان نتائج هذه الانتخابات، عن فوز المعارضة الشيعية بكل المقاعد التي ترشحت لها، وربما يكون للإعلام الخارجي فيما يذهب إليه مآرب، لكن السؤال الذي يثيره هذا التوصيف الإشكالي يطرح على طاولة النقاش التحدي الكبير الذي على المعارضة أن تجيب عليه.
هل ينال هذا التوصيف هوى لدى جمعية الوفاق؟ هل يرضيها أن تقدم نفسها، قبل أن يقدمها الإعلام الخارجي على أنها معارضة شيعية، مع ما يجره ذلك من تداعيات منها: ماذا عن بقية الشيعة في البحرين، ممن هم ليسوا تحت مظلة الوفاق ؟
هل ينال هذا التوصيف هوى لدى جمعية الوفاق؟ هل يرضيها أن تقدم نفسها، قبل أن يقدمها الإعلام الخارجي على أنها معارضة شيعية، مع ما يجره ذلك من تداعيات منها: ماذا عن بقية الشيعة في البحرين، ممن هم ليسوا تحت مظلة الوفاق ؟
وهذا بالمناسبة هو أقل الأسئلة وطأة، فهو ليس السؤال الوحيد بعد أن أصبحت الوفاق مرجحة، في عدد من الدوائر غير دوائرها، لفوز من كانت تصفهم حتى وقت قصـيـر مـن الموالين السنة، وكانت تعتبر معركتها في مجلس النواب معركة معهم، لأنهم، وفق التقدير المتـداول، كـانوا أدوات حكومـية في مواجهة الوفاق في الفصل التشريعي المنقضي.
وهو سؤال برسم الوفاق، عليها أن تجيب عليه لكي تتضح الحدود بين ما يعد معارضة وما يعد موالاة، ولسنا هنا نجادل في حق الوفاق في أن تقف مع من تشاء أو ضد من تشاء، بل لعل في التوضيح المطلوب ما يساعد على أن تبدد صفة المعارضة الشيعية التي يخلعها عليها الإعلام الخارجي، لكي تقترب من مفهوم المعارضة الوطنية، التي لا يضيرها، والحال كذلك، أن يكون لها أنداد حتى في الدوائر التي أطلقت عليها وصف الدوائر المغلقة، وهو مفهوم لا يمكن أن يتسق مع مفاهيم الممارسة الديمقراطية، فالديمقراطية هي الانفتاح على الخيارات المختلفة، وليس الانغلاق على خيار واحد.
مفهوم الدوائر المغلقة هو الذي حدا بالفرق الانتخابية للوفاق في يوم الانتخاب أن تحصي أنفاس كل الشيعة الذين ذهبـوا للتصـويـت في المقار الانتخابية، من خلال تسجيل اسم كل واحد منهم مع بياناته، وهو إجراء يحمـل من الإكراه الرمزي على التصويت لمرشحيها، ما يفوق أي إكراه آخر.
وهذا الإجراء بالذات، فضلاً عن وسائل ضغط أخرى، سنـأتي على ذكرها إذا لزم الأمر، هي ما حملت المئات من الشيعة الذين وقفـوا معـنا للتصـويـت في المراكز العامة، هربأً من الضغوط ومحـاولات الإكراه.
ولم نكن يوماً مع فكرة المراكز العامة، فلتلغى هذه المراكز منعـاً للقـيـل والـقـال، ولـكـن ليـقـتـرن ذلـك مع تجريم وتحـريم كافة أشكال الإكراه والترهيب الذي يتخذ من الدين أو الولاء الطائفي مظلة له، بالطريقة التي تجعل من قطاعات واسعة تلجأ لهذه المراكز، حين تشعر أنها محاصرة في خياراتها.
من حقنا وواجبنا أن نطالب الدولة بأقصى شفافية ممكنة للعملية الانتخابية في البلاد، وأن تكون هناك رقابة محايدة عليها، لكن من حقنا وواجبنا أن نطالب الآخرين، خاصة إذا كانوا يقدمون أنفسهم على أنهم معارضة، أن يقدموا الأسوة الحسنة في ضمان حق الناخب في الاختيار الحر، وبكامل إرادته، لا أن يصادروا هذه الإرادة، تارة بالتشهير بالمنافسين، وأخرى بالفتاوى والتزكيات الدينية، وثالثة بالتسجيل القسري لأسماء الناخبين وهم ذاهبون إلى صناديق الاقتراع.
صحيفة الايام
4 نوفمبر 2010