معهد التنمية السياسية نظم مؤخراً ندوة في غاية الأهمية عن المرأة الخليجية والمشاركة السياسية، تحدثت فيها بدرية العوضي واستاذة القانون الدولي بدولة الكويت، ومن أهم ما تطرقت إليه أنه بالرغم من قرار واعتراف المجتمع الخليجي بدور المرأة الحيوي في عملية تنمية المجتمع، الا ان المرأة تواجه حملة غير حضارية من المجتمع واحياناً من الدولة وحتى السلطة التشريعية بغرض عرقلة تفعيل حقها في المشاركة السياسية على قدم المساواة.
وهذا بحد ذاته من أهم التحديات التي تحظى باهتمام واسع من قبل الحركة النسائية في الخليج ومن قبل مؤسسات المجتمع المدني التي تدعم ثقافة النهوض بالمرأة وتحررها في ظل اصلاحات ديمقراطية تضمن حقوقها القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأسرية.
بعض دول مجلس التعاون تميزت بمتغيرات سياسية فتحت آفاقاً جديدة ساهمت في دعم حقوق المرأة السياسية ومن بين هذه الدول البحرين والكويت.
وإذا ما وقفنا عند تجربة البحرين التي تعد من التجارب الرائدة في الخليج لكون دستورها يندرج ضمن الدساتير التي تعزز مسيرة المرأة السياسية فان ما أشارت إليه العوضي في هذا الخصوص يجسد حقوقها السياسية وهي تمارس عملية الانتخاب والترشح ويتضح ذلك في قولها: اعطت مملكة البحرين المرأة حقوقها على المستوى التشريعي والمستوى العملي فعلى المستوى التشريعي حيث تنص المادة في الفصل الثاني من الميثاق الوطني لسنة 2001 ويتمتع المواطنون رجالاً ونساءً بحق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بدءاً بحق الانتخاب والترشح وعلى الصعيد العملي وبشيء من التفصيل اشارت إلى واقع المرأة البحرينية ولاسيما بعد الإصلاح السياسي، أي تحدثت عن مشاركة المرأة السياسية في الانتخابات النيابية والبلدية لسنة 2002، وكذلك 2006 وعن نتائج تلك الانتخابات التي وبعد (30) عاماً من المؤسف كانت مخيبة للآمال أي لم تفز في تلك الانتخابات المرأة باستثناء لطيفة القعود التي فازت بالتزكية لتكون أول خليجية تدخل المجلس النيابي، في حين كانت التوقعات المحلية والدولية التي سبقت الانتخابات النيابية لسنة 2006 تشير إلى فوزها ومع ذلك فشلت المرأة البحرينية للمرة الثانية على التوالي رغم تضاعف عدد المرشحات المشهود لهن في الحياة الاجتماعية والفكرية والسياسية.
والسؤال لماذا فشلت المرأة البحرينية التي اثبتت جدارتها وقدراتها في مواقع عديدة؟ بالطبع ثمة أسباب كثيرة في مقدمتها ان المرأة البحرينية شأنها شأن المرأة في الدول العربية والإسلامية فهي لا تزال تعاني من الهيمنة الذكورية ومن الخطاب الديني المتطرف الذي يعزز ويكرس عبر موروثات السلف الصورة الدونية للمرأة وهنا – كما يقول – د. كمال عبداللطيف في بحثه «المساهمة العربية في بناء اسئلة تحرر المرأة» يحتاج إلى إعادة تأهيل وإعادة تربية المجتمع على قبول الحضور النسائي الفاعل لكي لا تظل الصورة النمطية للمرأة المستعارة من تاريخ في طور التلاشي معياراً مطلقاً ولتحل محلها في التاريخ الجديد افعال أخرى تمنح الصورة فضاء ارحب للفعل والاجتهاد والانتاج والإبداع.
وإذا كان ميثاق العمل الوطني انصف المرأة البحرينية على مستوى حقها السياسي، فهذا يعني ان الخلل ليس في التشريع وانما في واقع الحيف الذي تتعرض له النساء في مجتمعنا وهذا يحتاج إلى خطة وطنية دائمة للرفع من مستوى المرأة السياسي والثقافي وتوعيتها بحقوقها ويحتاج أيضاً إلى مساندة قوية لمجمل حقوقها من قبل المرأة ذاتها ومن الرجل الحداثي المستنير ومنظمات حقوق الإنسان والتيار الديمقراطي عموماً.
ولم تقف العوضي عند تجربة البحرين والكويت بل تحدثت عن تجارب قطر وعمان والإمارات، مشيرة إلى واقع المرأة السياسي والاجتماعي عن تطورات كل دولة على الصعيد السياسي والمعوقات التي تواجه مشاركة المرأة السياسية.
صحيفة الايام
18 سبتمبر 2010