أبدى أمين عام المنبر التقدمي د.حسن مدن في مقابلة أجرتها صحيفة البلاد عن استياءه الكبير لحملة التشويه التي يقودها البعض ضده وضد “التقدمي” لتشويه صورة مرشحيه ومنع نجاحهم عبر إدعاءات وتلفيقات وتطاول هو في حقيقة الأمر تطاول على تاريخ حزب له جذوره الضاربة في تربة هذه الأرض، وأكد على حق الترشح مكفول للجميع بعد أن أخفقت الجهود في حمل الوفاق على الدخول في قائمة وطنية مشتركة.
وفي ما يلي النص الكامل للقاء:
أجرى المقابلة: حسين خلف
س: تعرض ويتعرض المنبر التقدمي جملة انتقادات حادة بعد قرار ترشح عدد من أعضائه في دوائر مثلها في الفصل التشريعي السابق نواب من المعارضة كيف تقرأون هذه الانتقادات، وهل ترون فيها أحقية أم تناقضا؟.
أتساءل لماذا هذه الحملة على المنبر التقدمي لأنه ترشح في دائرتين من الدوائر التي مثلها في المجلس السابق نواب من الوفاق، علماً بأننا تنافسنا مع الوفاق في ست دوائر في انتخابات 2006، كما أن جمعيتي وعد والعمل الإسلامي نافستا الوفاق في منطقة النعيم في انتخابات ذلك العام، ولم ينتقدنا احد على ذلك أو يعترض عليه.
سأكرر ما قلناه مؤخراً مراراً، فقد لجأنا الى الترشح في دوائر تمثلها الوفاق بعد أن أخفقت جهودنا في حمل الوفاق على الدخول في قائمة وطنية مشتركة تمثل جمعيات المعارضة، وبات من حقنا وحق سوانا أن يترشح في أي دائرة في غياب الاتفاق على مثل هذه القائمة، ثم لماذا الخوف من المنافسة أليست هي طبيعة الانتخابات في كل الدنيا؟
لا يوجد وجه وجاهة واحد في هذه الحملة المتشنجة ضدنا بسبب هذا الترشح.
س: كيف تم اختيار المنبر للدوائر التي سينزل فيها مرشحوه… ما هي المعايير؟
سنترشح بقائمة من ثلاثة إلى أربعة مرشحين، في دوائر وجدنا أن حظوظ خوض حملة انتخابية جيدة فيها متيسرة بسبب كونها دوائر مختلطة ، تضم فئات وشرائح متنوعة، بما يمكننا من طرح خطابنا الوطني الجامع.
حرصنا على الا يكون عدد مرشحينا كبيرا حرصا منا على تركيز جهودنا، وحرصنا على أن تكون الدوائر منوعة وليست ذات لون طائفي واحد.
س: هل ترون حظوظا عالية لمرشحي المنبر التقدمي للفوز؟
يهمنا في المقام الأول خوض حملة انتخابية جيدة والاتصال بأبناء شعبنا في الدوائر التي سنترشح فيها والتعريف بمرشحينا وببرنامجنا الانتخابي وخطنا السياسي، ونعتقد أن هناك فرصاً طيبة لنا في أن نحقق نجاحات على هذا الصعيد. أما الفوز فلا أحداً يستطيع أن يضمنه منذ ألان.
س: لمح البعض وصرح آخرون بأنكم تلقيتم وعودا من الجانب الرسمي بدعمكم في الانتخابات، هل هذه معلومات صحيحة أم مغلوطة من وجهة نظركم؟
شخص المنبر التقدمي هذه الادعاءات التي يسوقها بعض السفهاء على أنها تندرج في نطاق الحملة الانتخابية المضادة لمرشحينا، وما تتحدث عنه في سؤالك محض افتراء، الهدف منه تشويه صورة مرشحينا ومنع نجاحهم عبر هذه الادعاءات والتلفيقات والتطاول الذي هو تطاول على تاريخنا كحزب له جذوره الضاربة في تربة هذه الأرض.
لا يوجد لدينا أي اتصال ثنائي مع الدولة، وحتى عندما طرحنا مبادرتنا للحوار الوطني في فبراير/ شباط من العام الماضي سعينا للقاء مع الدولة لطرح أفكار المبادرة عليها، ولم نتلق رداً، ايجابياً كان أو سلبياً. وفي حدود معلوماتنا فانه لا توجد جمعية من جمعيات المعارضة في الوقت الحاضر على اتصال بالدولة، إذا ما استثنينا جمعية الوفاق من خلال كتلتها النيابية.
ومن الطبيعي أن تطالب الجمعيات السياسية وهيئات المجتمع المدني الدولة بأن تظهر حرصها على الشراكة مع المجتمع وتفاعلها مع أطروحاته.
س: كتبت في بعض المقالات أن التيار الوطني اليساري هو تيار لم يمارس العنف ولمحت للدولة بأنه هو التيار الذي يجب تقريبه.. قيل انت هنا تخطب ود الدولة وربما تستجديه؟
نحن لا نستجدي أحدا. قوتنا في خطنا السياسي الذي يعرفه الجميع، وهو خطاب أسسه المرحوم أحمد الذوادي ورفاقه منذ بدايات المشروع الإصلاحي، وهو استمرار للخط السياسي لجبهة التحرير الوطني البحرانية.
أين هي العبارة التي يفهم منها استجداء الدولة في المقال الذي ربما تعنيه، لقد استشهدت بتعليق كتبه احد القراء على مقال نشر في إحدى الصحف المحلية، عقد فيه مقارنة بين أساليب العمل النضالي السلمي في فترة قانون أمن الدولة التي مارسناها، وبين أشكال العنف والتخريب التي شهدناها في السنوات الأخيرة، وكنت في ذلك أحث الجميع على ملاحظة الفارق بين النضال السياسي المسؤول وبين استهداف الممتلكات العامة.
موقفنا واضح ولا نخفيه فنحن ضد ممارسات العنف، ونعتقد أنها ألحقت ضرراً كبيرا بكل القوى المناضلة من اجل الديمقراطية وأثرت على مصداقيتها، وأوجدت الذرائع لتغليظ الإجراءات المقيدة للحريات وأفقدتنا الكثير من المكتسبات التي يرقب الجميع الآن صواب رؤيتنا عندما كنا ولا نزال نردد بضرورة العض عليها بالنواجد من اجل البناء عليها للتأسيس لمستقبل أفضل لهذا الوطن وشعبه من قبل السلطة التنفيذية وهي إجراءات شملتنا في المنبر التقدمي كما شملت سوانا من قوى المعارضة .
س: تم انتقادك بشدة وقيل انك حرفت تاريخ الحركة الوطنية التي مارست عنفا في بعض المراحل، لماذا تنكر ما هو ثابت في تاريخ الحركة بل كان محل افتخارها؟
تم انتقادي من قبل من؟ أتمنى أن يكون لديك وقت لتعود لوسائل إعلام المنبر التقدمي لتجد أن ما كتبته ينطلق من رؤية المنبر وأعضائه، كما إني أتمنى أن تعود إلى نص المقال الذي كتبته بهذا الخصوص في جريدة الأيام، لتجد إني تحدثت عن مرحلة قانون أمن الدولة تحديدا ولم أتحدث عن فترة الهيمنة البريطانية التي استهدف فيه الشعب المستعمرين باستخدام السلاح، ونفخر نحن مناضلو جبهة التحرير بدور رفاقنا في هذا المجال.
وعلى سيرة استهداف جبهة التحرير الوطني البحرانية لقادة جهاز الاستخبارات البريطاني عام 1966، فاني أحيل القارئ الكريم إلى ما ذكره رفيقنا الراحل مؤخراً عبدعلي محمد احمد في كتابه “الذكريات والوصايا” الصادر عن المنبر التقدمي حين يذكر بالحرف الواحد: “أمام المطالبة الملحة للأعضاء (يقصد أعضاء جبهة التحرير) بعمليات مماثلة صدر منشور داخلي هو”الشرارة” يعلن أن جبهة التحرير قررت تبني الخط السياسي في العمل واستبعاد العنف المسلح لأنه الطريق الصحيح والمناسب لظروفنا”( الكتاب ص 70).
س: ما هو رأيك في مقالات الدكتور عبدالهادي خلف التي هاجمك فيها، وهل المعلومات التي أوردها فيه كانت صحيحة أم لا؟، وأيضا ما أورده ناشط محسوب على جمعية وعد من انك رفضت أثناء وجودك في الإمارات التبرع لعلاج الراحل احمد الذوادي؟
بالنسبة للشخص المذكور في الشق الأول فانه لا يهمني ولا يعنيني الرد عليه، لأني أكبر من ذلك.
أما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال فيؤلمني ان تصل نذالة وخسة البعض وانحطاطه للدرجة التي تجعل المرء مضطراٌ لأن يتحدث في شيء شديد الخصوصية، فليس لائقا أن نتباهى بأننا ساعدنا رفيقاً مريضاً على تحمل نفقات علاجه في ذلك الزمن الصعب.
أنا ليس فقط تبرعت للمساهمة في علاج المرحوم أحمد الذوادي عندما كنت بالإمارات فهذا واجب، وإنما كنت أيضاً طرفاً في حملة جمع تبرعات من أصدقاء آخرين، بحرينيين وإماراتيين، والشخص الذي حمل المبلغ الذي جمعناه للمرحوم أبو قيس في باريس حيث كان يتعالج ما زال حياً يرزق، كما أن عائلة المرحوم التي كانت آنذاك وما تزال تقيم في الإمارات على اطلاع جيد بالموضوع.
وهذه التبرعات مني ومن سواي تمت بالتنسيق مع رفاقنا في دمشق آنذاك، وليس من شأن هذا الشخص أو اختصاصه أن نبلغه بما فعلنا، فليس هناك ما يدعو للتباهي إزاء آلام قائد وطني كبير مثل احمد الذوادي، سأظل أفخر ما حييت بأنه هو من دعاني للترشح لرئاسة المنبر التقدمي خلفا له عندما اشتد به المرض في عام 2002، رغم الفارق الكبير بين شخصي المتواضع وبينه بمكانته التاريخية ومهاراته القيادية.
س: ما طبيعة علاقتكم الآن بقوى المعارضة خصوصا جمعيتي وعد والوفاق ، ألم تتأثر هذه العلاقة؟
رغم اختلافنا مع الوفاق في بعض المسائل إلا أن علاقتنا الثنائية قائمة على التقدير والاحترام المتبادل.
بالنسبة لوعد فإننا مستمرون في تنسيق مواقفنا في إطار علاقة أطراف التيار الوطني الديمقراطي، التي تضم بالإضافة للتقدمي ووعد جمعية التجمع القومي، ونحن حريصون على توطيد هذا التنسيق.
س: كيف تقرأون الأحداث الأمنية الأخيرة هل تساندون إجراءات وزارة الداخلية وقوى الأمن أم لكم موقف ما من الاتهامات الموجهة لعدد من المعارضين؟
أعرف انك صحفي جيد وتتابع الأمور بعناية، ولا شك انك اطلعت على بيان المكتب السياسي للمنبر التقدمي الصادر بتاريخ 15 أغسطس 2010 الذي حددنا فيه موقفنا مما يجري في البلاد.
فعبر “التقدمي” عن القلق الشديد جراء المناخ المتوتر وأعلن رفضه المبدئي القاطع لكافة ممارسات العنف واستهداف الممتلكات العامة والخاصة ومرافق البنية الأساسية، وضرورة ترشيد الخطاب السياسي، باستثمار قنوات التعبير المتاحة في طرح قضايا الوطن، والعمل على تطوير الممارسة الديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية وتأمين الحياة الكريمة للمواطنين وتأكيد مبدأ المواطنة المتكافئة في الفرص والحقوق والواجبات.
وحول توقيف عدد من المواطنين أكد “التقدمي” على ضرورة توفير الضمانات القانونية الضرورية لهم في التحقيق والمحاكمة العادلة والشفافة، وسرعة إطلاق سراح من لم توجه لهم أي تهم من قبل النيابة العامة.
وفي هذا المجال فان المنبر التقدمي يؤكد على مبادئ مبادرته الشاملة للحوار الوطني التي طرحها في فبراير 2009، والتي نصت على التزامات متبادلة بين الدولة والقوى السياسية، تتضمن احترام هيبة الدولة ورموزها وترشيد الخطاب السياسي والنأي به عن لغة التحريض والتحشيد، وإطلاق آلية حوار وطني شامل تشترك فيه كافة القوى المعنية يتناول المسائل المؤدية لتعزيز مناخ الثقة وتطوير نهج الإصلاح السياسي والديمقراطي.
ولا شك أيضا انك اطلعت على البيان الثلاثي الذي أصدرناه مع وعد والتجمع القومي بتاريخ الرابع من سبتمبر الجاري، وعبرت فيه عن بالغ قلقها من الوجهة التي تتطور فيها الأوضاع، خاصة على صعيد المساس بالحريات العامة، بما فيها حرية التعبير، وكذلك الاستنفار الطائفي الذي يُعمق الشرخ في المجتمع، ويؤدي إلى المزيد من التباعد بين مكوناته.
والجمعيات الثلاث إذ تعيد التأكيد على ما سبق أن أعلنته من رفض قاطع ومبدئي لكافة أشكال التخريب والحرق والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وتمسكها بأساليب العمل السلمي التي يضمنها القانون من أجل الإصلاح السياسي والبناء الديمقراطي، فإنها تطالب بالالتزام بالضمانات القانونية في التعامل مع المتهمين، في التحقيق معهم، وإحالتهم إلى النيابة العامة على وجه السرعة، وإطلاق سراح من لم توجه لهم أي تهمة، والتأكيد على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
كما ندعو إلى التحقيق في التقارير التي تتحدث عن حالات تعذيب، التزاماً بنصوص الدستور والمواثيق الدولية، وحرصاً على سمعة مملكة البحرين، وحفاظاُ على ما حققته من تقدم في مجال حقوق الإنسان.
وترى الجمعيات الموقعة على هذا البيان أن الحفاظ على مستوى الحريات المتحقق في البلاد يأتي في مقدمة المهام، أمام بعض الإجراءات الباعثة على القلق، وبينها التقييد على حرية المنابر الناطقة باسم الجمعيات السياسية من صحف ومواقع اليكترونية، ومن ذلك إغلاق الموقع الاليكتروني لجمعية الوفاق بدون العودة للقضاء، وكذلك فرض قيود على نشرات الجمعيات السياسية.
وتهيب جمعياتنا بكل القوى والشخصيات والمنابر السياسية والمجتمعية للعمل على وقف انزلاق الوضع نحو المربع الأمني والشحن الطائفي، وترى أن مسؤولية كبرى تقع على عاتق التيار الوطني الديمقراطي من قوى وشخصيات في هذا المجال، لأنها القادرة على تجاوز الانحيازات الفئوية وحشد الجهود نحو عمل وطني واسع يحمي البلاد والمجتمع مما لا تحمد عقباه من تداعيات وتطورات.
س: تحدث جلالة الملك عن برنامج للاصلاح الديني لتحديد من يصعد للمنبر الديني ويعظ الناس، ما هي وجهة نظركم ازاء البرنامج وفكرته؟
من حيث المبدأ فنحن مع إبعاد دور العبادة عن الشؤون السياسية، وأن تنصرف نحو المهام التي أنشئت من أجلها، أما تفاصيل الموضوع فأعتقد ان مجال بحثها عائد للدولة وللقائمين على المنابر الدينية، وإصلاح الخطاب الديني بات مطروحا حتى من داخل بعض المؤسسات الدينية ذاتها ومن قبل أطراف عديدة منذ فترة.
س: طالبت مؤخرا في احد مقالاتك بتحالف انتخابي من القوى الديموقراطية لدخول المعترك النيابي، هل تشرح أسس هذه الفكرة وهل هذا يعني طلاقا مع الإسلاميين المعارضين خصوصا ؟
التيار الديمقراطي بحاجة لتوحيد جهوده وإبراز وجهه المستقل ليس في الانتخابات وحدها وإنما بشكل عام، فتلك ضرورة من ضرورات اضطلاعه بالدور المطلوب منه.
هذا لا ينفي أبدا المجالات التي يمكن التعاون والتنسيق فيها مع الجمعيات الأخرى، في الملفات موضوع الاتفاق.
صحيفة “البلاد” 12 سبتمبر 2010