التخوين والتشكيك والتشويه الذي يتعرض له الآن حسن مدن الأمين العام لمنبرنا التقدمي لا يحتاج إلى تحليل او تشخيص، وإنما كل ما هنالك ان بعض النخب السياسية المخملية، المشهود لها بالتنظير، أرادت أن تجتر رأيها المكرور والحاقد على مدن او غيره من قيادات التقدمي او أي رأي أخر يخالف تلك النخب المتشنجة التي عاهدت الله وكل الأولياء الصالحين كما تفعل الحركات الأصولية بان تنصب نفسها وصيا على الخلق والعباد، وبالتالي ياويل لمن يختلف معها لان الحكم في هذه الحالة وفقا للأحكام الشرعية لهذه النخب، التخوين وغرس الأنصال في أجساد الوطنيين.
إذن فلا غرابة أن يتعرض منبرنا التقدمي وأمينه العام وفي هذا الوقت بالذات الذي سيخوض فيه معركة الانتخابات البرلمانية في هذا العام الى مثل هذه الأحكام التي اقل ما يمكن ان يقال عنها أنها حاقدة ومعادية تطمح إلى تسقيط التقدمي في هذه الانتخابات وهو ما يتفق تماما مع مصالح القوى الدينية الأصولية المتشددة التي تعتبر اغلب الدوائر الانتخابية في البلاد حكرا عليها، ولا يخفى إن مدن مرشح التقدمي للبرلمان في الدائرة الثامنة بالمحافظة الشمالية هدف من أهداف تلك النخب ومن يساندها من مواقع الكترونية طائفية ومنتديات ومجالس أجادت لعبة التشهير والتخوين والتسقيط بامتياز.
أحد الأصدقاء كان يناقش معنا الحملة المعادية للتقدمي ومن خلال ذلك تبين انه في اشد الاستغراب من هذه الحملة المسعورة تجاه هذا التنظيم الذي يمثل صوت العقل والعقلانية، والاستغراب هذا لخصه لنا في ثلاثة أسئلة: ما الدوافع الحقيقية لهذه الحملة؟ ولمصلحة من؟ ولماذا التقدمي بالذات؟
على كل حال كان الجدل حول تلك الأسئلة على أشده وكان صاحبنا النرجسي الذي يميل لتلك النخب وخاصة في نصرتها لأهداف القوى الدينية المتشددة التي وظفت أبواقا تابعة لها بدأت بوصلته تغير اتجاهاتها تدريجيا، وفي مقابل ذلك هناك موقف آخر بدأ يتبناه وهو أن الديمقراطية تتناقض تماما مع الوصايا المفروضة على الناس.
المهم كان النقاش معه حضاريا وكان الحديث يدور من دون تعصب حول ما يميز التقدمي عن التنظيمات السياسية المتزمتة، وان خطابه السياسي يمتاز بالواقعية التي تتعاطى مع قضايا الشأن العام بمصداقية وبمسؤولية وطنية أساسها الدفاع عن حقوق ومطامح الجماهير الشعبية ومصالح الوطن الذي يعد الولاء له فوق كل الولاءات، وان هذا الخطاب المتمرس في العمل الوطني محكوم بالوعي إلى سياسيي التقدمي الذي غرست جذوره جبهة التحرير منذ أكثر من خمسة عقود، وان من بين صفوف هذا التنظيم مناضلين ومناضلات عرفهم الشعب البحريني بأنهم أشداء في كفاحهم من اجل الاستقلال الوطني والديمقراطي وحقوق الكادحين.
وان مسيرة هذا التنظيم المعروف عنه بحرصه الشديد على وحدة التيار الديمقراطي والتفاعل مع المشاريع التي تدعم دور الحداثة والتنوير وتحرر المرأة ومساواتها مع الرجل تشهد انه لم يكن في يوم ما مغامرا او تابعا لأية قوى دينية متزمتة متعصبة وطائفية لا تؤمن بالرأي الأخر ولا بالحريات الشخصية بل ان ما تؤمن به إنها حارس من حراس الديمقراطية، وان النخب التي لم تتحرر من تبعيتها لها ولم تكف عن تخوين مدن الشخصية الوطنية والثقافية المعروفة التي قدمت ولا تزال الكثير من التضحيات لا يمكن لأحد التنكر لها، ولم تتوان من إلصاق التهم المعادية للتقدمي أكثر عونا لهذه القوى.
الخلاصة إن أسئلة صاحبنا التي ذكرناها سلفا ما الدوافع الحقيقية من هذه الحملة؟ ولمصلحة من؟ ولماذا التقدمي بالذات؟ أسئلة نأمل ان يُـفكر فيها بعناية وخاصة في هذه الفترة التي يسعى البعض فيها إلى تشويه نضالات المنبر وتسقطيه في الاستحقاقات البرلمانية المقبلة، وهذا ما يدفعنا كمنبريين إلى عدم السكوت عنه.
الأيام 4 سبتمبر 2010