المنشور

العنف لغة مرفوضة

 يمكن باي شكل من الاشكال أن نبرر لأعمال العنف والتخريب والتحريض لان لغة العنف والحرق والاعتداء على الممتلكات العامة وترويع المواطنين والمقيمين هي لغة متطرفة لا تعبر عن طموحات وآمال العمل السياسي الذي يتوخى تحقيق المطالب والحقوق وفق قنواتها وطرقها الدستورية الشرعية.
وبالتالي مثلما تدعم ترسيخ دولة المؤسسات والقانون وتكريس حقوق المواطنة وتحسين الاوضاع المعيشية ومكافحة الفساد ودعم التنمية الاقتصادية وبرامج التنمية الشاملة, نطالب في الوقت ذاته وقف الاعمال الصبيانية والممارسات التحريضية التي تتناقض بوضوح مع أهداف العمل الوطني لان تأثيراتها السلبية كبيرة ليس فقط على صعيد الانجازات والمكاسب السياسية وانما ايضاً على صعيد الوحدة الوطنية والتلاحم الوطني اكبر منجزات هذا الشعب. ونعتقد ان احد المهام الوطنية الاساسية اليوم هي ان يسود صوت العقل والحوار لحقن التوترات السياسية والنزعات الطائفية التي ومن دون مبالغة باتت مفرداتها الكريهة والنشاز متداولة اكثر من اي وقت مضى.
ان ما نتطلع اليه اليوم هو ان يكف الخطاب السياسي الفوضوي المنفلت عن أعمال العنف التي لم يعد ممكناً السكوت عنها تحت اي غطاء, وكذلك لم يعد ممكناً السكوت على اولئك المحرضين الذين يريدون للبحرين العودة الى المربع الاول.
وفي الوقت الذي نطالب فيه وقف اعمال العنف ونبذ الفوضى والطائفية نأمل ان تتسع قاعدة الحوار الوطني التي نحن في امس الحاجة اليها لدعم الجهود المشتركة بين الدولة والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإزالة كل ما يعيق العملية الاصلاحية والاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقدم البحرين العزيزة علينا جميعاً وهو ما يعني بلغة العقل ان يمض هذا الحوار نحو آفاق جديدة وان تكف القوى المحرضة عن اثارة الفوضى التي تزيد من الانحدار نحو المنزلق الطائفي الذي لمسنا بعض مشاهده بين كتل الاسلام السياسي في البرلمان التي ساهمت بشكل او بآخر في تأجيج الطائفية في الشارع البحريني وكذلك كثيراً ما نلمسه في بعض المجالس الخاصة والمواقع الالكترونية التي اصبح الشاغل الوحيد لها الشحن الطائفي والتحريض!!
ان تاريخ الحركة الوطنية والديمقراطية والتقدمية في هذه البلاد اسس وعياً وطنياً تحررياً مناهضاً للاستغلال والطائفية واضطهاد المرأة «وعياً آمن بثقافة التعدد والتسامح والانفتاح والمعرفة النيرة لا بثقافة الازمنة الغابرة المكبلة للاذهان بقيود الماضي.. وعياً قال عنه الاخ حسن مدن في مقاله «ترشيد الخطاب السياسي»: عندما كانت تياراتنا الوطنية والديمقراطية في صدارة المشهد السياسي نجحت في خلق وعي وطني عميق لدى منتسبيها وانصارها وجمهورها عمت تأثيراته على المجتمع، وفي اصعب الظروف استطاعت هذه التيارات ان تبقي جذوة الامل حية في القلوب والعقول بالمستقبل الموحد للشعب.
واخيراً للذين يديرون لعبة الطائفية وللمحرضين وللطارئين الجدد على المشهد الوطني وللمراهقين السياسيين نقول لهم: كفوا عن هذه اللعبة وهذه اللغة التي لم تستفد ولم تستوعب ما يحدث في العراق وغيرها من تفتيت للوحدة الوطنية واغراقها في ظلامية الخطاب الديني المتطرف الذي لم يتوقف عن اعمال القتل والارهاب.
إذا كنا نؤمن ان التحديات التي تقف امام مستقبل الوطن والمواطن كثيرة فان القضاء على هذه التحديات والمعوقات لا يأتي عبر بوابة العنف والتخريب والتحريض وانما عبر كافة اشكال واساليب العمل السياسي السلمي التي تتناسب مع مصالح الوطن ومستقبل الانسان في هذه البلاد. فهل يعي المتطرفون والمحرضون هذه الحقيقة؟
 
صحيفة الايام
28 اغسطس 2010