«الليرالية والتطرف الديني» مقالة كتبها «فكري اندراوس» في مجلة الهلال في عددها الاخير. في البداية تحدث «اندراوس» عن تعريف الليبرالية الشامل وعن الليبرالية الحديثة التي يعتقد انها تعني كيفية التفكير لحل المشاكل المعقدة وهذا كما يقول يقتضي التفكير خارج الحدود المعتادة في تفكيرنا وعدم قبول المسلمات كأمر واقع.
وتحدث ايضاً عن فشل الأيدولوجيات السياسية المختلفة وكذلك الليبرالية الحديثة في تحسين مستوى معيشة اغلب البشر إلا في بقع قليلة على سطح الارض وعن وجوه الليبرالية العديدة ويعني بذلك الليبرالية في شقها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ما علاقة ذلك بالتطرف الديني وخصوصاً المسيحي في امريكا والاسلامي في شرقنا العربي؟ الاجابة عن هذا السؤال يقول: في ظل المناخ المليء بالشكوك ظهرت شخصيتان اثرتا في جذور التطرف الديني الذي نراه الآن الاولى في الامريكي «ليو ستراوس» 1899 – 1973 والثانية في المصري «سيد قطب» 1906 – 1966 الاول هو الاب الشرعي للمحافظين الجدد كان ستراوس حتى وفاته استاذاً جامعياً تخصصه في فرع فلسفة التاريخ ويعتقد ان الليبرالية التي تدعو لتقديس الحرية الفردية كما هو الحال في الغرب ستؤدي الى التقدم بل ستؤدي ايضاً الى تدمير الحضارة الغربية ويُعتقد ان نظرية ستراوس في حقيقتها نظريتان الاولى «الغاية تبرر الوسيلة» والثانية هي «حكم الطليعة مظهره ديمقراطي حقيقته اتوقراطي» أي ان مذهبه يؤيد ان يقول خلاف ما يبطن ويقول «ناعوم تشو مسكي» في هذا الشأن ان نظرية ستراوس تقود النخبة الطليعية لحماية المجتمع الحر من خطر الحرية الفردية ولخلق اسطورة يقتنع من خلالها انها تحارب لحماية الديمقراطية ولحماية مصالحها.
اما عن سيد قطب يقول: انه اديب ومفكر اسلامي له الكثير من الكتب ادت بعض كتاباته الى اعطاء شرعية دينية للارهاب. واثناء دراسته في امريكا كتب مقالات عديدة عن الحياة في امريكا ما بين 1948 – 1951 وفي تلك الفترة كان قناعته ان التقدم الامريكي خلفه حرية بلا حدود وان الاهتمام بالماديات ادى الى انانية اعمت المجتمع عن رؤية حقيقة التدني في السلوك الانساني ومن هنا اعتقد «قطب» ان الحضارة الغربية ستنهار فخشي ان ينتقل الانهيار الى المجتمع العربي نتيجة التغلغل الغربي في حياه العرب.
ومن هنا ايضاً اصبح لسيد قطب مشروع اسلامي اصولي يعتقد بانه لابد من ان توجد طليعة اسلامية تقود البشرية الى الخلاص. وبعد انضمامه الى الاخوان المسلمين اصبح مسؤولاً عن قسم الدعوة واصبح من اوائل منظري فكر السلفية الجهادية والتنظيم الخاص.
ويشيد «اندرواس» هنا الى تأثر قطب بافكار ابن تيمية التي تسمح بمحاربة المسلم المنحرف عن العقيدة وتدعو الى محاربة جاهلية الناس والدولة لان الجاهلية هذه تقوم على اساس الاعتداء على سلطان الله في الارض أي ان سيد قطب كان يدعو لحكم رجال الدين وان كانوا في آخر الامر ليسوا إلا بشراً. ويعتقد ان التشابه بين قطب وستراوس ان كليهما تقاربا في الزمن والفكر وكلاهما رفض الحرية الفردية وأمنا بوجود طليعة تحكم وتؤدي الى خلاص المجتمع وكلاهما اعلن خلاف ما يبطن وكلاهما يؤمن باستقلال الدين في السياسة وزرع الخوف في قلوب الناس من الخطر الآتي. كلتا المدرستين ادتا في النهاية الى احتلال افغانستان ثم العراق وفي حالة سيد قطب يقول «اندرواس» ترعرعت افكاره في افغانستان بقيادة مفكرها ايمن الظواهري التلميذ الروحي لقطب وادى ذلك الى احداث 11 سبتمبر. في هذه المقالة استعرض الكاتب تطور افكار الارهاب الديني والخلاف بين الجماعات الاسلامية المتطرفة والتطرف الديني في امريكا وكل الاكاذيب التي اختلقوها في ذاك الوقت ضد السوفييت اثناء حربهم في افغانستان والتحالفات الاستراتيجية بين امريكا وتلك الجماعات في تلك الحرب. واستعرض ايضاً حقيقة تنظيم القاعدة الآن.. واخيراً وبالرغم من نهج الكاتب التبريري للحركات الاسلامية المتطرفة فانه يقر بأن هذه الحركات فشلت، يقر ايضاً بان الارهاب الذي سببته وتستمر تسببه له الكثير من الاضرار والمآسي.
صحيفة الايام
7 اغسطس 2010