لاشك ان كثيراً من التصورات والآراء عن الاستحقاق النيابي 2010 هي في الواقع انعكاس لممارسات نيابية في – اكثر الاحيان – متعثرة، اي من حيث الفعل الرقابي والتشريعي لم تكن موفقة. ولو تأملنا هذا الاداء من الطبيعي ان يخرج الناخب بانطباعات ليست محكومة بضعف الكفاءة فحسب بل محكومة ايضاً باعتبارات كثيرة لا تغيب عن وعيه من بينها الوعود التي قطعها النواب وتحديداً نواب الكتل الاسلامية التي دغدغت احلام الناس البسطاء، لم تلامس الواقع بمعنى ان الوعود التي وضعت «الشمس في يد والقمر في يد» ليست إلا ظاهرة صوتية او جعجعة لم ينتج عنها اي طحن، هذا أولاً، وثانياً ان هذه الكتل انشغلت بما يكرس الطائفية في المجتمع البحريني المنفتح المتعدد المتسامح وسعت لفرض الوصاية عليه وعلى العباد لا يتفق مع تطور مستجدات الواقع والعصر، وثالثاً ان «البرلمان هو الحل» صار منبراً لمصالح عقائدية لا اول لها ولا آخر ومصدراً للوجاهة ولضمان المستقبل عندما يحين وقت التقاعد، واربعاً ان قيود النواب لم تحاصر فقط حقوق المرأة خاصة حقها في قانون عصري موحد للاحوال الشخصية وحقوق الصحافة والصحفيين والتنظيمات السياسية والنقابية والثقافية بل امتدت الى الحريات العامة والخاصة، وخامساً لماذا اراد نواب الاسلام السياسي لهذا البلد الانغلاق تمسكاً بالاخلاق والفضيلة ونسوا أو تناسوا ان البحرين ذات الحضارة العريقة دولة اسلامية شعبها المتسامح عرف عنه منذ القدم بالاخلاق والكرم وحبه للآخر؟!
بعد كل هذا، ماذا تريدون من الناخب؟ هل تريدون ان يقول «كل شيء تمام» في حين ان مصالحه ومصالح هذا الوطن ضاعت بين الدوافع الشخصية والعقائية والحزبية والصراعات الطائفية!!
ومع ذلك واحقاقاً للحق وللانصاف نقول بالرغم مما اوردناه سلفاً هناك اشكالات ومعوقات حالت دون تقدم الاداء النيابي نحو الافضل من بينها الملابسات القانونية المتمثلة في اللائحة الداخلية للمجلس، وكذلك اللوائح المنظمة لعلاقة المجلس بالسلطة التنفيذية وفضلاً عن هذا وذاك هناك من القوى مصالحها الخاصة لا تتلاءم مع التحديث والتغيير والديمقراطية اي بالكلام الواضح معادية للاصلاحات وفي ذات الوقت هناك انجازات لا يمكن نكرانها خاصة على صعيد الميزانية العامة وعلاوة الغلاء وقانون الذمة المالية وبعض القوانين الاقتصادية والتجارية المنظمة للشركات والتحقيق في بعض المؤسسات العامة المتورطة بالفساد ولكن ما اكثر السلبيات اذا ما قارناها بالايجابيات والانجازات؟!
على اية حال، ان القراءة السياسية للممارسات النيابية طيلة الفصل التشريعي السابق تحديداً تحتم علينا المراجعة النقدية لتلك الممارسات او الاداء، وبالتالي هل تفعلها الكتل النيابية كما يحدث في ارقى الدول المتحضرة؟ التي متى ما كان اداء النواب والاحزاب في البرلمان او اية مؤسسة منتخبة متعثراً تشوبه السلبيات تعقد المؤتمرات العامة للمراجعة النقدية لا نعتقد ذلك لان في الدول العربية والاسلامية لا يحدث ذلك وان حدث يتم في دائرة ضيقة تجمع الانصار والتابعين والمريدين.
اما بالنسبة لاستغلال دور العبادة فحدث ولا حرج اي باختصار ان توظيف المنابر الدينية من مساجد ومآتم للدعاية الانتخابية كان في ذروته في الانتخابات البرلمانية السابقة والكل يعلم كيف استغلت تلك المنابر في تسقيط المرشحين الديمقراطيين والليبراليين وما اشبه اليوم بالبارحة اي ما يحدث اليوم من توظيف هذه الدور وهذه المنابر دعماً دعائياً واعلامياً للكتل الاسلامية جميعها دون استثناء.
بالمختصر المفيد «ما في حدا احسن من حدا» او كما يقول حبايبنا اهل مصر «الكل زي بعضه» .. واخيراً نكرر ونقول ماذا تريدون من الناخب؟ هل تريدون ان يقول «كل شي تمام» ويرفع «القبعة» منحنياً اعجاباً باداء اصحاب السعادة النواب لا نعتقد يفعلها لان احلامه تبخرت مع تبخر وعود النواب.
صحيفة الايام
10 يوليو 2010