تساءل أمين عام جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي حسن مدن فيما إذا كان ينبغي على التيار الذي يمثله الانسحاب من المشهد السياسي، وهو تساؤل مشروع مع فقدان التنسيق بين الجمعيات التي تحمل وجهات نظر ناقدة أو معارضة، ومع كثرة الحديث الشعبي الذي قد يتجه نحو الخطاب التسقيطي.
وفي رأيي فإن الديمقراطيين لا ينسحبون من المشهد السياسي لمثل هذه الأسباب؛ لأن أي عمل سياسي يصاحبه الكثير من الشد والجذب، ثم إن المنبر الديمقراطي كان من أول المبادرين لحلحلة الأزمة التي تصاعدت إثر اعتقال الناشط السياسي حسن مشيمع (شافاه الله) وتعرض حينها إلى حملة من الاستهزاء من قبل الجهات المحسوبة على السلطة، فقط لأنها أرادت أن تطرح الحل السياسي بدلاً من الحل الأمني.
من حق قيادي سياسي مثل حسن مدن ورفاقه أن يعلنوا عن استعدادهم للتنافس على بعض الدوائر التي مثّلها في الفصل التشريعي المنقضي نوابٌ من جمعية الوفاق، ومن حق أفراد الجمعية أن يعرضوا ما لديهم من برامج ومن خبرات، ومن المفترض أن يفسح المجال للجميع، لأنه إذا غاب التنسيق المسبق فلا يحق منع أي شخص من الترشح لأية دائرة يرى في نفسه الأهلية للتقدم فيها.
كما أن استهداف المنبر الديمقراطي لا يعتبر عملاً وطنياً، ولا يمكن إطلاق حملة تشكيك في مواقفهم الوطنية، لأن الضيق من الصوت الآخر هو قمة الدكتاتورية، ولا يمكن أن يسعى إنسان إلى مكافحة الدكتاتورية عبر ممارستها بنفسه بأي شكل من الأشكال. وعلى الأخ العزيز حسن مدن أن يعلم بأن الناس تعرف قدره وتقدر مواقفه وأنه لا يمكن تصوير ترشحه مع رفاقه بأنها مؤامرة على المعارضة، فالمعارضة ليست حكراً على الوفاق وحدها.
لقد أشار النائب السابق عبدالنبي سلمان في مقال له إلى توقعات الناس بعد ثماني سنوات من العمل البرلماني، وكيف أنها عايشت أجواء البدايات الحالمة والشعارات، وأن التجربة أسست لقناعات متباينة أو حتى متناقضة… وأن الغشاوة الطائفية تسببت في تشويش وتشتيت زاوية الرؤية الصحيحة على الجميع دون استثناء.
إن البحرين تحتاج إلى التنوع في الطرح الناقد والمعارض، والتيار التقدمي مهم جداً لأنه يمتلك شخصيات وقيادات على كفاءة عالية وذات تاريخ وطني وهي جديرة بأن تمثل الناخبين كما أنها جديرة بالفوز، وهذا ما قاله قادتهم، ونحن نرى أنهم محقون في ذلك… وعليهم ألا يأبهوا بما يقال هنا أو هناك عندما أعلنوا عن نواياهم الانتخابية لمنافسة الوفاق أو غير الوفاق، فهذا حقهم الديمقراطي، والديمقراطيون لا يتنازلون عن حقوقهم.
صحيفة الوسط 01 يوليو 2010م